En | Ar

صلب وقام في اليوم الثالث

صلب وقام في اليوم الثالث

تزامناً مع حلول أسبوع الآلام بحسب التقويم الغربي، نستذكر آلام السيد المسيح وموته وقيامه في اليوم الثالث من أجل خلاصنا وتتميماً لما جاء في الكتب.

مدركاً طريق الجلجلة، سلكها يسوع المسيح منذ القبض عليه حتى صلبه. أمسك بيسوع المسيح بمساعدة يهوذا أحد تلاميذه الذي سلّمه مقابل ثلاثين قطعة فضة، ومضوا به إلى قيافا رئيس الكهنة حيث اجتمع الكتبة والشيوخ وطلبوا شهادة زور على يسوع ليقتلوه، فتقدم اثنان وأخبرا بأن يسوع قال: " إنّي أقدر أن أنقض هيكل الله وفي ثلاثة أيام أبنيه"، بقي يسوع ساكتاً. ثم سأله رئيس الكهنة إذا هو المسيح ابن الله، فرد عليه: "أَنْتَ قُلْتَ! وَأَيْضًا أَقُولُ لَكُمْ: مِنَ الآنَ تُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ، وَآتِيًا عَلَى سَحَاب السَّمَاءِ"، فمزق ثيابه وقال إنه جدّف وما الحاجة إلى شهود بعد الآن، وقال الكهنة أنه يستوجب الموت وبصقوا في وجهه ولكموه. بعد ذلك أخذ يسوع في الصباح إلى الوالي بيلاطس والذي كان معتاداً في العيد أن يطلق للجمع أسيراً واحداً، من أرادوه. وكان هناك أسير مشهور يدعى باراباس فخيّرهم بيلاطس بين إطلاق باراباس أو إطلاق المسيح لأنه علم أنهم أسلموه حسداً. وقالت له امرأته أنه بارّاً وتألمت كثيراً في الحلم من أجله، لكن رؤساء الكهنة والشيوخ حرّضوا الجموع أن يطلبوا باراباس ويهلكوا يسوع. فسألهم من يريدون أن يطلق لهم، فقالوا "باراباس"، وعندما سألهم ماذا يفعل بيسوع فكان جوابهم : "ليصلب". فأخذ ماء وغسل يديه وقال لهم أنه بريء من دم هذا البارّ، فقالوا له أن دمه عليهم وعلى أولادهم.

فحينئذٍ أخذ بيلاطس يسوع وجلده. ووضع العسكر إكليلاً من شوكٍ على رأسه، وألبسوه ثوب أرجوان، وقصبة في يمينه. وكانوا يجثون قدّامه ويستهزئون به قائلين: "السّلام يا ملك اليهود!". وبسقوا عليه، وأخذوا القصبة وضربوه على رأسه. وبعد ما استهزأوا به، نزعوا عنه الرّداء وألبسوه ثيابه، ومضوا به للصّلب. 

بدأ درب صلبه، وحمل صليبه على طريق الجلجلة وساعده بحمله إنساناً قيروانيّاً اسمه سمعان. ومسحت القديسة فيرونيكا وجه يسوع. كما أن العسكر أعطوه خلّاً ممزوجاً بمرارة ليشرب ولمّا ذاقه، لم يرد أن يشرب. وتبعه جمهورٌ كثيرٌ من الشّعب، والنّساء اللواتي كنّ يلطمن أيضاً وينحن عليه. ووقع ثلاث مرّات تحت صليبه قبل أن يصل إلى مكان صلبه. وعندما وصل إلى الجلجلة صلبوه وصلبوا إثنين معه، واحداً عن يمينه وآخراً عن يساره وهو في الوسط. وكتب بيلاطس عنواناً وضعه على الصّليب حيث كان مكتوباً: "يسوع النّاصريّ ملك اليهود" بالعبرانية واليونانية واللاتينية. اعترض الكهنة على هذه التسمية لكن رد عليهم بيلاطس أن ما كتبه قد كتبه. ثم أخذ العسكر ثياب يسوع وجعلوها أربعة أقسام، لكل عسكريّ، وأخذوا القميص لكنهم اقترعوا عليه، ليتمّ الكتاب القائل: "اقتسموا ثيابي بينهم، وعلى لباسي ألقوا قرعة". وكانت واقفات عند الصليب أمّه، وأخت أمّه، مريم زوجة كلوبا، ومريم المجدليّة، وقال يسوع لأمه عندما رآها إلى جانب تلميذه يوحنا "يا امرأة هوذا ابنك" وقال ليوحنا "هوذا أمّك". وكان أحد المصلوبين يجدف بيسوع أما الآخر فقد طلب من يسوع أن يذكره متى جاء الى ملكوته فقال له يسوع "الحق أقول لك: إنّك اليوم تكون معي في الفردوس".

بعد ذلك نحو الساعة السّادسة، فكانت ظلمة على الأرض كلّها إلى الساعة التاسعة، وأظلمت الشمس، وأنشق حجاب الهيكل من وسطه ونادى يسوع بصوت عظيم وقال: "يا أبتاه، في يديك استودعت روحي"، ولما قال ذلك استودع روحه. ثم جاء رجل اسمه يوسف تقدم الى بيلاطس وطلب جسد يسوع وأنزله ولفه بكتان ووضعه في قبر منحوت حيث لم يكن أحد وضع قبله، وأتى معه نساء أعددن حنوطاً وأطياباً.

في اليوم الثالث، أوّل الفجر، أتين إلى القبر حاملات الحنوط الذي أعددنه ومعهنّ أناس. فوجدن الحجر مدحرجاً عن القبر، فدخلن ولم يجدن جسد الرب يسوع، والتقين رجلين بثياب برّاقة قالا لهنّ: لماذا تطلبن الحيّ بين الأموات؟ ليس هو ههنا لكنه قام!" فعاد النساء وأخبرن التلاميذ وجميع الباقين بهذا كلّه. فالمسيح قد صلب وقام في اليوم الثالث كما جاء في الكتب.

وبذلك تؤكد القيامة هوية يسوع باعتباره ابن الله والمسيح الذي تنبأ عنه العهد القديم. فهو يؤكد صحة تعاليمه وسلطته، ويعزز حقيقة ادعاءاته عن نفسه. كما ترمز إلى انتصار النور على الظلمة، والخير على الشر، والحق على الباطل. إنه يمنح المؤمنين الثقة بأن عدل الله وبره سيسودان في العالم في النهاية. كما تثبت الانتصار على الموت نفسه. وهذا يعني أن الموت ليس النهاية، بل هو الانتقال إلى الحياة الأبدية. وهذا يوفر الأمل والراحة للمؤمنين الذين يواجهون الموت. ويؤكد لهم أن أولئك الذين يتبعون يسوع سوف يشاركون في انتصاره على الموت ويعيشون معه إلى الأبد. وهذا يعلم المؤمنين عن عمق محبة الله ورحمته. واليوم أمام ما يعيشه العالم من حروب ومأساة تتلخص بصراع بين الخير والشر، تمنحنا قيامة المسيح الأمل بانتصار الخير والسلام على الظلم والحرب من دون استخدام الشر بوجه الشر الذي يؤدي إلى الهلاك والدمار.

PARTAGER