En | Ar

بوصلة الهجرة تدور نحو الغرب

خلال السنوات الأخيرة شهد المجتمع اللبناني ارتفاعًا ملحوظًا في عدد مهاجريه معظمهم طلاب جامعيين، ويعود ذلك إلى الوضع الصعب الذي تمر به البلاد منذ بداية الأزمة الاقتصادية والذي يستمر حتى الآن. عندما ينهي التلاميذ دراستهم الثانوية يعيشون حيرة غير مسبوقة، فهم بحاجة إلى اتخاذ قرار مصيري سيغير مجرى حياتهم. فما الذي يدفع الشباب اللبنانيين إلى مغادرة البلاد؟

المشكلة الأساسية التي يواجهها الشعب اللبناني هي الصعوبات الاجتماعية والاقتصادية كالبطالة وقلة نصيب الفرد من الناتج المحلي وارتفاع كلفة المعيشة... فبعد إنهاء التخصص الجامعي، يواجه أغلب الطلاب مشاكل لإيجاد فرص عمل داخل لبنان تؤمن لهم مدخولاً يمكنهم من العيش حياة كريمة. لذلك يلجأ الكثير منهم إلى سفر نحو بلاد الغرب بحثًا عن الاستقرار. بالإضافة إلى ذلك، ارتفعت أقساط الجامعات اللبنانية بنسبة كبيرة خلال السنوات الأخيرة بسبب تدهور الليرة اللبنانية، ودفع هذا الغلاء عددًا كبيرًا من الطلاب إلى مغادرة لبنان. كما هاجر مواطنون كثر خلال الحرب الأخيرة للهروب من القصف والدمار الذي خلفه الكيان الإسرائيلي. للهجرة حسنات وسيئات ومن حسناتها انفتاح الشعوب على بعضهم وتبادل المعلومات بين الدول. كما أن تولي المناصب المهمة في بلاد الاغتراب له انعكاسًا إيجابيًا على اللبنانيين فعندما تشغل شخصيات لبنانية مراكز هامة في بلاد الغرب يُرفع من شأن المواطن اللبناني وتبرز جدارته وقدرته الفكرية والعقلية. على سبيل المثال يجسد المخترع اللبناني حسن كامل الصباح هذا الكلام، فهو الذي سطع نجمه في سماء العلم والاختراع خارج لبنان. ولا ننسى أن بلاد الاغتراب كما قلنا سابقًا بمثابة ملاذ للبنانيين الذين طرق على أبوابهم الضيق المادي في وطنهم.

لكن مع كل هذه الحسنات تبقى الهجرة قاسية ومرفوضة لأنها تحرمنا من شبابنا وأفكارهم الجريئة. لذا على الدولة اللبنانية العمل على معالجة الفساد المنتشر وتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لحد من هجرة الأدمغة. كما نتمنى تلاشي فكرة الهجرة من عقول شبابنا ونتمنى حلّ مشكلة البطالة التي تعم في صفوفهم والتي تدفعهم إلى ترك وطنهم الذي يحتاج إليهم وإلى أفكارهم. عندئذ يصبح توحيد الجهود أمر ضروري لإيقاف هجرة الأدمغة وتحسين نمط العيش حتى يزدهر الوطن.

PARTAGER