ما أجملَ الترجمةِ عندما تنسلُّ عبرَ الثقافاتِ والمعاني وتتخطّى الحروفَ والجملِ، ما أجملها عندما نجيدُ فهمَها ونعرفُ أبعادَها، ما أجملَها وهي تخترقُ النصوصَ وتترجمُ الأحاسيسَ...
في ظلِّ الاحتفالات العديدةِ التي تشهدُها جامعةُ القدّيسِ يوسف بمناسبةِ اليوبيل المئة والخمسين، تحتفلُ مدرسةُ الترجمةِ بعيدِها الخامسِ والأربعينَ. كعادتِها، أقامت مدرسةُ الترجمةِ، بمشاركةِ المسؤولين والطلّاب المنتميين إلى هذه الكليّةِ، مسابقةَ ترجمةٍ لطلّابِ المدارسِ في القسمِ الثانوي. قد شاركَ مئتان طالب واختاروا اللغةَ المصدرِ واللغةَ الهدف ليترجموا النصوصَ المطروحةَ. وفي الحادي عشرَ من شهرِ آذارِ أقيمَ احتفالٌ في المعهد الفرنسي في لبنان-بيروت لإعلان النتائجِ. حضر الاحتفالَ عشرونَ مشتركًا برفقةِ أهاليهم ومسؤولو الكليّة بالإضافةِ إلى الطلّابِ الجامعيين الذين يدرسونَ الترجمةَ. تميّزَ الحفلُ بحضورِ المترجمةِ الفوريّةِ الآنسة ندى يافي التي أبهرت عقول المستمعينَ عبرَ روي تجربتِها الشخصيةِ وكشفت عن كواليسِ الترجمةِ. كما شدّدت على أهميّةِ التفكيرِ البشريِ الفوريِّ الذي يتفوّقُ على الآلة الالكترونية نوعًا وأهميّةً، حيث يتمكّن من التحليلِ ليترجمَ بشكلٍ سليمٍ. تمثّلت بكلمة "إن شاء الله" التي تعني باللغةِ العربيةِ "كلّا" أو "يمكن" أو "سأبذل قصارى جهدي"، فإن لجئنا إلى الآلةِ لترجمتِها أو ترجمناها نحن بطريقةٍ حرفيّةٍ، فلن نحصلَ على تلك المعاني لأن الآلة والتحريفُ يعجزانِ عن فهم الأبعادِ المبطّنةِ للكلمةِ والتعابيرِ في الإطارِ المطروحِ والثقافةِ المطلوبةِ. إنه مثلٌ بسيطٌ لكن مقتبس منَ الواقعِ، ويؤكّد أنَّ الآلةَ لن تحلُّ مكانَ الإنسانِ ولن تقدّم الاحترافيةَ التي يتميّزُ بها المترجمُ...
فاز الطالبان ماريلين عون وميشال يعقوب بالمرتبة الأولى وحازا على رحلةٍ ثقافيةٍ إلى فرنسا لمدةِ خمسةَ عشرَ يومًا، تليهما الطالبة يارا صياح في المرتبة الثالثة وكلوي عاقوري في المرتبة الرابعة.
تعتبرُ هذه المسابقةُ من أجملَ الوسائلِ لحثِّ الطلاب على خوض هذا المسارِ المتعدّد الابعادِ، ولتثقيفِ الناسِ حولَ أهميّةِ العقلِ البشريِّ المترجمِ الذي لن تستطيع الآلة أن تتساوى معه أبدًا، ولنشرِ المعرفةِ حولَ عالمِ الترجمةِ وجمالِهِ.