En | Ar

كرة القدم العربية، مشروع إلى ازدهار أم إلى نسيان؟

إن كرة القدم في العالم العربي على مفترق طرق قد يأخذها من بعد إلى بعد آخر: مع ازدياد الاستثمار العربي تحديدًا الخليجي فيها، تكثر الأسئلة حول إذا كان هذا المشروع سوف يضع الرياضة في العالم العربي إلى جانب أكبر الدوريات الأوروبية، مع ازدياد الاهتمام في هذا المجال من بعد كأس العالم 2022 الذي أُقيم في قطر، وبعد دخول السعودية  واستحصالها على شرف استضافة كأس العالم 2034, وزيادة النفقات على الملاعب وموجات التعاقدات مع لاعبين رفيعي المستوى مثل كريستيانو رونالدو وغيره.

مع وجود النية في الاستثمار والتخطيط والتعاقد، نكون قد قطعنا جزءًا كبيرًا من مستلزمات إنجاح المشروع، ولكن يبقى أمامنا مرحلة أساسية ومصيرية تحدد إذا كانت كرة القدم العربية ستكون إلى جوار الكرة الأوروبية ولن تبوء بالفشل كالمشروع الصيني في العقد الماضي، وهي بداية إدخال الشاب والشابة العربيَين في هذا المشروع. فإن إشراك الرياضي العربي وتعزيز حضوره وتقوية مستواه عبر الدراسة والتدريب عن عمر صغير سيجعل من هذا الطموح حقيقةً ملموسةً ومستدامةً، والسؤال في هذه المرحلة هو عن قدرة المواهب والأجهزة الفنية العربية على الانفصال عن العقيدة الكروية الأوروبية، وعن قدرتها على الابتكار والتطوير بمعزل عن أي مساعدة خارجية، فعندما يتحقق هذا الانفصال وينافس العرب الأوروبيين بقوى داخلية ومواهب عربية وأجهزة تدريب وتطوير عربية، يكون قد نجح المشروع، ويكون قد ضمن العربي استمراريته ومنافسته لنظيره الأوروبي بعناصره هو وليس بأدوات ومواهب مستوردة ممن يطمح إلى منافسته. 

تكمن تقوية هذه العناصر في غرس ثقافة كرة قدم فعلية عند الشباب والشابات، وبناء الملاعب العامة، وعدم جعل هذه الرياضة بمثابة شرف يصعب الوصول إليه بدون عوامل مادية، السبب الذي قد يمنع العديد من الطامحين من إظهار مهاراتهم وفلسفتهم الكروية التي قد تكون بمقام ثورة يوهان كرويف على الكرة العربية. إن كرة القدم لعبة الجموع بمعزل عن قدراتهم المادية، واختلافهم الديني والعرقي والجنسي، فإن جعلناها رياضة لا يمكن أن يتمتع بها إلا الأغنياء، نكون  قد أهدرنا نيمار وميسي ورونالدو العرب، الذين، وبسبب عدم قدرتهم على دفع اشتراك نواديهم وعدم تواجد ملاعب عامة يمكن أن يمارسوا فيها حبهم لكرة القدم، قد أُجبروا على ترك هذه الرياضة رغم براعتهم وتميزهم فيها، أو يكون قد اغتنم نادٍ أوروبي موهبتهم و منحهم الجنسية، ووثق بهم وبقدراتهم، وأحدث الفرق في أوروبا وليس عندنا، لأننا قتلنا موهبته عندما فضلنا الماديات عن تمكينه من الوصول إلى غايته وحلمه، فعاقبنا هو وأعطى حلمنا إلى غيرنا، وأبعده عنا، وأفشل مشروعنا

PARTAGER