لبنان، الوطن الصغير بحجمه والكبير بتاريخه وتراثه، يقفُ اليومَ على مفترقٍ حاسم. عرف الحروبَ والتحدياتِ والخصوماتِ السياسيةِ والإقليميةِ، ولم تعرفْ أرضُهُ الاستقرارَ، بل كانت الجرائمُ مستباحة والقمعُ سيّد الموقف. من هذه الأرضِ الخصبةِ، ينطلقُ اليومَ نداءُ العزيمةِ والنصرِ نحوَ نهضةٍ شاملةٍ، تهدفُ إلى تحويلِ الأزماتِ إلى فرصٍ وتحقيقِ أحلامٍ جديدةٍ للشعبِ اللبنانيِّ..
يا وطنًا تمزّقتْ بأرضكَ الكرامةُ والعزّةُ، يا أرضًا لم تعرفْ يومًا السلامَ سوى بالخطاباتِ الجماهيريةِ، فأصبحت رهينةً للمحسوبياتِ والمصالحِ الإقليميةِ والسياسيةِ. ولكن لن تدومَ مسرحياتُ القمعِ والخضوعِ، ولن تبقَ عرقلاتُكم، ولن نسمحَ باستغلالِ هذه الأرزةِ التي ستظلُّ شامخةً فوقَ حروبِكم وخرابِكم.
في ظلِّ التغيراتِ التي تحدثُ في البلادِ التي تحيطُ بلبنانَ، لا يمكننا أن نقولَ سوى: لا يصحُّ إلا الصحيحُ، وستجري المياهُ في مجاريها، وستعودُ الحياةُ الطبيعيةُ إلى الوطنِ. سيعودُ الشعبُ اللبنانيُّ، بشهامته وصلابته، متغلبًا على أيِّ تحدٍّ. فالتحدياتُ الحاليّةُ لم تكنْ سوى امتحانٍ لشجاعتِنا وطاقتِنا.
لن نكتفي بالتحدي، بل سننتصرُ عليه ونعبرُ نحوَ مستقبلٍ مشرقٍ.
سينتهي عهدُ السلاحِ، ويبدأُ عهدُ الأملِ.
سينتهي عهدُ القمعِ، ويبدأُ عهدُ النهضةِ.
ستنتهي موروثاتُ الماضي، وتبدأُ التنميةُ والإصلاحُ.
سيعودُ الوطنُ، وسنبنيه حجرًا حجرًا، وسننهي الحكمَ باسمِ السياساتِ الطائفيةِ، وسنبدأُ بسياسةِ السلامِ والطمأنينةِ، ونغيّرُ وجهَ الوطنِ.
وقد قالَ غسانُ تويني: “في لبنان، ننهضُ من تحتِ الرمادِ لأننا أبناءُ الحياةِ، لا الموتِ.” وهذه إشارةٌ إلى قدرةِ لبنانَ على النهوضِ مهما كانت المحنُ قاسية عليه.
كان وسيبقى النضالُ شعارَ هذا الشعبِ المناضلِ إلى الأبد.
تُبنى الأوطانُ بالاتحادِ، تُبنى الأوطانُ بالصمودِ في وجهِ المحنِ، ومن هنا تبدأ مرحلةُ العبورِ نحوَ ضفةِ الانتصارِ.
نحن أبناءُ أرضٍ لا تعرفُ الانحناءَ، وأحفادُ شعبٍ صنعَ المجدَ وسطَ العواصفِ. النهضةُ ليست حلمًا بعيدَ المنالِ، بل وعدًا سنحققهُ بسواعدنا وقلوبنا. سيبقى لبنانُ شامخًا، عزيزًا، يروي العالمَ قصةَ وطنٍ لا ينكسرُ، وشعبٍ لا يُهزمُ.
النصرُ للبنانَ، والنهضةُ آتيةٌ، لأننا نؤمنُ أنَّ المستقبلَ يُكتبُ بالإرادةِ، والشجاعةِ، والإيمانِ بوطنِنا