بتعريفها الدّوليّ: اتفاقيّات أوسلو هي مجموعة من الاتّفاقيّات التّي بدأت بشكلٍ سريّ بين منظّمة التّحرير الفلسطينيّة و"إسرائيل" وتهدف إلى التّوصّل إلى تسويةٍ سلميّةٍ للنّزاع الإسرائيليّ الفلسطينيّ . تتألّف من اتّفاقيّة أوسلو الأولى التّي وُقّعت (إعلان المبادئ) وأُبرمت في واشنطن عام 1993 واتّفاقيّة أوسلو الثّانية في مصر1995 (إعادة الانتشار العسكريّ الإسرائيليّ في الضّفّة الغربيّة، وإنشاء مناطق أ وب وج)
في عام 1987 اندلعت الانتفاضة الفلسطينيّة الأولى والتّي كانت من أرقى أشكال المقاومة بفعل انخراط كامل الشّعب الفلسطينيّ فيها بمختلف فئاته. قد كانت ثورةً منظمّة وموحّدة من القدس إلى الضّفّة وغزّة وما بين هذه المناطق. هذه الانتفاضة أكّدت إصرار فلسطين على وقف الاستيطان الإسرائيليّ لأراضيها وعبّرت عن أملها بالحصول على دولةٍ مستقلّة. كما وأوصلت ثلاث أفكار مهمّة ألا وهي: أوّلًا، أنّ الاحتلال لم يعد قادر على الحكم. ثانيًا، أنّ الشّعب المقموع لم يعد يقبل بهكذا حكم. وثالثًا بدء تغيّر الرّأي العامّ لصالح الفلسطينيّين. فشكّلت إذًا الانتفاضة ، مع الضّغط الأمريكيّ الكبير، السّبب الأساسيّ الذّي دفع إسرائيل إلى اللّجوء لاتّفاق أوسلو ومفاوضة الفلسطينيّين سعيًا منها لضبط الموقف بامتصاصٍ للثّورة وإعادة الأمور تحت سيطرتها.
لا بدّ من الإشارة إلى أنّ إسرائيل كانت ترفض الاعتراف بمنظمّة التّحرير لذلك استخدمت ورقة المفاوضات كخدعة، فقبولها التّفاوض يدلّ على اعترافٍ بالمنظّمة، ولكن بذلك تكون المنظّمة قد اعترفت بإسرائيل.
في تلك الفترة، كان شعار منظّمة التّحرير الفلسطينيّة: تحرير فلسطين بالكامل من النّهر إلى البحر، مع دولةٍ ديمقراطيّة تشمل الفلسطينيّين واليهود مع أغلبيّة فلسطينيّة سببها حقّ العودة للّاجئين. بدأ عندها ياسر عرفات ببني تواصل مع حزب العمّال الاسرائيليّ بسريّةٍ تامّةٍ، ليبرز نوعٌ آخر من الأهداف. كما وبرزت ثلاثة عيوب لم يستطع الجانب الفلسطينيّ إخفاءها كسريّة المفاوضات التّي اعتُبرت نقطة ضعف، إرسال مفاوضين غير كفوئين، وأخيرًا، وفود إسرائيليّة مسلّحة بتكتيك حوار خطير.
بدأت المفاوضات في أوسلو بإشراف من "تيري لود-لارسن" وهو دبلوماسيّ نرويجيّ عمل على تنظيم الاتّصالات بين الطّرفين. تمّت الدّفعة الأولى من المفاوضات بين شهر ك2 ونيسان من العام 1993 بإرسال إسرائيل وفد أكاديميّ (يضمّ معاونَين لشمعون بيريز الذّي كان رئيس وزراء سابق) ليحاور الوفد الفلسطينيّ الذّي حمل صفةً رسميّة وكان يضمّ أحمد قريع وحسن عصفور من منظّمي منظّمة التّحرير الفلسطينيّة. في شهر نيسان أبلغ وفد الاحتلال الوفد الفلسطينيّ بأنّه غير رسمي. بهذا يكون كل ما وعد به الجانب الفلسطينيّ يجب عليه أن يلتزم به لكونه جانباً رسميًّا أمّا الإسرائيليّ فلا لكونه جانباً أكاديميًّا غير مكلّف من قبل الكيان.
الدّفعة الثانية كانت حتى شهر تمّوز 1993 تتألّف أيضًا من وفد غير رسميّ لا يمثّل إلّا شمعون بيريز لذلك يجب التّفاوض مع ممثّل عن إسحاق رابيم رئيس الوزراء الإسرائيليّ في تلك الفترة. وكان الهدف من كلّ ذلك امتصاص التّنازلات والإمكانات الفلسطينيّة على مراحل.
هنالك حدثٌ لا بدّ لنا من ذكره وهو أنّه خلال جولة المفاوضات الثّالثة، أرسل جويل سينجر 80 سؤال لمنظّمة التّحرير الفلسطينيّة: كلّهم ملغومون. مثال: هل أنتم كمنظّمة ستَتوَلّون مسؤوليّة المستوطنات؟ قالوا لا. وبذلك تمّ إخراج المستوطنات من المعادلة لصالح إسرائيل. والأمر الأكثر إدهاشًا كان عدم إرفاق الرّدّ الفلسطيني بأيّ سؤال يُطرح على الكيان.
أمّا في اتّفاقيّة أوسلو الثّانية 1995 ،تمّ تقسيم الضّفّة الغربيّة إلى منطقة (أ) تحت سيطرة السّلطة/ منطقة (ب) تحت سيطرةٍ مدنيّة/ منطقة (ج) وهي الأكبر: تحت سيطرةٍ إسرائيليّة مدنيّة وأمنيّة.
لكن مقابل ضياع الكثير من الأهداف الفلسطينيّة، تمّ تحقيق إنجاز رئيسيّ ألا وهو عودة 100 ألف لاجئ (عدد قليل ولكن مكسب).
أخيراً، إتّفاق أوسلو شكّل الشّرارة التّي أشعلت فتيل التّفكّك الدّاخلي والتّي أدّت إلى خلق الشّرخ الأصليّ داخل منظّمة التّحرير الفلسطينية وانقسامها بين حركة التّحرّر (ضدّ الاتّفاق) والسّلطة البيروقراطيّة(معه). إذ أنّه كان إتفاق انتقالي دون هدف نهائيّ منفّذ، وهو إنهاء الاحتلال ووقف الاستيطان. لتتوقّف بعد ذلك المفاوضات وتتضح الخديعة الإسرائيليّة. بالمختصر كان هذا الاتّفاق ضمان استمرار الاحتلال دون أن تدفع إسرائيل ثمن هذا الاحتلال برأي غالبيّة الشّعب لا سيّما ياسر عرفات الذّي أدرك ذلك بعد حين.