En | Ar

رمضان والصوم الكبير معًا: ثقافة المشاركة في لبنان

يشهد لبنان هذا العام تزامنًا بين تقليدين دينيين مهمين: بداية شهر رمضان وبداية الصوم الكبير المسيحي. هذا التزامن الفريد خلق فرصة استثنائية تعزز الروحانية والثقافة الدينية المشتركة بين الطوائف المختلفة.

لقاء ثقافتين روحانيتين

تخيل أنك تتجول في شوارع بيروت، حيث يتردد صوت الأذان من المآذن في نفس الوقت الذي تدق فيه أجراس الكنائس معلنةً قداس الصوم الكبير. هذا التزامن هو تعبير عميق عن الثقافة اللبنانية الغنية بتنوعها وتعايشها.

            “هذا العام، يوحدنا الصيام بطريقة تتجاوز الاختلافات. إنه احتفال بثقافتنا اللبنانية التي تقوم على التسامح والتفاهم”، يقول سمير، وهو شاب لبناني يناقش هذه الظاهرة في أحد مقاهي وسط بيروت.

ثقافة الطهي المشترك

في المنازل وعلى شرفات المطاعم، أصبح الطعام وسيلة للتقارب بين التقاليد. ابتكر الطهاة وصفات خاصة تحترم القواعد الغذائية لكل من رمضان والصوم الكبير، مما يعكس الثقافة الغذائية الغنية والمتنوعة في لبنان.

على المائدة هذا المساء:

-شوربة العدس المتبلة بالأعشاب الطازجة، وهي خيار مثالي لكسر الصيام.

-أطباق مقبلات لبنانية مثل الحمص والتبولة والفلافل المحضرة وفق متطلبات الصيامين.

-للحلوى، القطايف المحشوة بالمكسرات والمغموسة بدبس التمر، والمعمول المعد خصيصًا للصائمين المسيحيين.

لا يقتصر الطعام هنا على إشباع الجوع، بل يحمل قصة ثقافية عن التشارك والتآخي بين الطوائف. في العديد من الأحياء، يجتمع الجيران والأصدقاء من مختلف الخلفيات الدينية حول مائدة واحدة، في مشهد يجسد ثقافة العيش المشترك في لبنان.

 التعايش والتفاعل الاجتماعي

لم يقتصر هذا التزامن على الحياة اليومية، بل امتد إلى وسائل التواصل الاجتماعي حيث انتشرت الصور والفيديوهات التي توثق هذا الحدث الفريد:

-مجموعات من الشباب يشاركون لحظات الإفطار عبر “الستوريز” المباشرة.

-منشورات تتحدث عن كيفية تنظيم الروتين اليومي بما يتناسب مع متطلبات كل من الصوم الإسلامي والمسيحي.

-مقابلات مع الناس في الشوارع حول هذه التجربة الثقافية والدينية الاستثنائية.

“لم أتوقع أبدًا أن أعيش لحظة يتلاقى فيها صومه مع صوم جيراني. إنه دعوة حقيقية للتضامن الثقافي”، تقول ليلى، وهي شابة ناشطة على إنستغرام.

رسالة وحدة ثقافية

إلى جانب الطقوس الدينية، ساهم هذا التزامن في تعزيز معنى ثقافة المشاركة والتضامن. في بلد يواجه أحيانًا تحديات الانقسام، يأتي هذا الحدث ليؤكد أن التقاليد المشتركة قادرة على تقوية الروابط الاجتماعية وتعزيز التعاطف بين مختلف الطوائف.

وقد بادر المجتمع اللبناني إلى تبني هذا الحدث من خلال:

مبادرات محلية حيث اُقيمَت موائد إفطار جماعية مفتوحة لجميع الطوائف في المراكز الثقافية والدينية لتعزيز الحوار والتفاهم.

أنشطة خيرية متخصصة بتنظيم حملات لجمع التبرعات الغذائية لدعم المحتاجين، بغض النظر عن انتمائهم الديني.

ختامًا،

في عالم تتسع فيه الفجوات بين الشعوب بسبب الاختلافات، يقدم لبنان درسًا في التعايش الثقافي. رمضان والصوم الكبير هذا العام ليسا مجرد فترتي صيام، بل هما تجسيد للأمل في التعايش السلمي، حيث تصبح الثقافة الدينية والاجتماعية وسيلة قوية لتعزيز الوحدة والتقارب.

رمضان كريم وصوم مبارك للجميع

PARTAGER