En | Ar

ما بين حرب ورجاء

       استهل العام الدراسي 2024-2025 كغيره من الأعوام حاملاً في طيّاته أحلام شابّات وشبّان وتطلعاتهم نحو مستقبل واعد. استعادت قاعات التدريس حياتها، والأحرام التربوية هلّلت بضم طلابٍ متعطشين للعلم والمعرفة. 

لكن...حرب دامية اندلعت وقلبت المقاييس رأساً على عقب: لبنان ساحة معركة بأرجائه كافّة، وسماؤه ملعب للمسيّرات الحربية. أمّا طلّابه فتحت ردم هذا الواقع المرير وفي متاهات زمنٍ مجهول ومستقبلٍ مهدّد بانعدامِ الأحلام . 

   لقد انفرد المطران جورج خضر بالقول: "إن هذه الأرض كثيراً ما كانت كارثية الحياة والمسرى، مجروحة أبداً ولو طلّ عليها النور من بعيد. غير أن واجبنا الجهادي أن نغيّر وجه هذا العالم حتى يصبح كوناً جديداً  فتستوعبه القلوب الطاهرة."

 

  بإيمانٍ فيما جاء في رسالة القديس بولس الرسول إلى أهل روما "الرجاء لا يخيّب" ،  وبقلبٍ مفعمٍ بالرغبة و بانتظارٍٍ للخير، واصل المجتمع التربوي بأجمعه، وجامعة القديس يوسف بالأخص، مسيرته التربوية حاملاً سمة الرجاء، ومؤمناً بقدرته على تغيير وجه هذا العالم المظلم. لأن لغة السلاح، مهما عظمت،  لن تعلو على لغة الله، وعظائمه. 

   بين حربٍ ظلماء ورجاءٍ لا ينطفئ، بدأ فصل جديد من الصمود والتحدي. على الرغم من المشاعر المتضاربة بين الثقة والخوف، الاطمئنان والإحباط، لم ينظر المجتمع التربوي إلى مرارة الضيقات، كصعوبة التنقّل من وإلى المراكز التربوية وخطورة التواجد فيها بحيث كان العدوان لا يحيّدها، بل نظر إلى يد الله الحانية المتحكمة في الضيقات، بحيث لا يأتينا منها إلا ما هو خير لنا. كان الحلُّ اللجوءَ إلى التعليم عن بعد بأشكاله المختلفة بالرغم من المشقات والتعثرات التي لا تعد ولا تحصى. هذه المشقات التي تخبط فيها المجتمع التربوي تحوّلت مجالاً للربح والتميّز وكسب الكفاءات إذ نجحت في المواظبة على العلم والتعليم. هذه المحن طهّرت الصابرين، واعتمدوا بنهر الصعوبات فنجحوا في امتحان الإيمان.

 

      "لولا الرجاء الذي يعمر في داخلكم، لما كنتوا ثبتّوا في الرسالة"، كأن القديس بولس الرسول يخصّ بهذا الكلام المجتمع التربوي بكافة أعمدته، معلمين ومتعلمين. "لذلك فلنتمسّك بهذه الثقة التي وضعت فينا ولنفتخر بالرجاء" (عب 3/6). 

PARTAGER