في مقالنا اليوم، نلقي الضّوء على دور المرأة المتزايد في السّياسة اللبنانية، حيث تعتبر مشاركتها في الحياة السّياسية خطوة مهمة نحو تحقيق التغيير والمساواة. ولجعل الموضوع أكثر وضوحا، أجرينا مقابلة مع السّيدة جويل أبو فرحات، رئيسة جمعية 50-50، التي تعتبر من أبرز الناشطات في مجال الدّفاع عن حقوق المرأة في لبنان، خاصة فيما يتعلق بالتّمثيل النسائي في البرلمان اللبناني.
التّطور التّاريخي لمشاركة المرأة اللبنانية في السياسة
يُعتبر لبنان من أوائل الدّول العربية التي منحت المرأة حق التّصويت والتّرشح عام 1953. باتت هذه الخطوة بداية جديدة لتغيير جذري في مكان المرأة السياسي في العالم العربي، حيث اعتبر لبنان من أوّل البلدان الّذي أقرّ حقوق المرأة في هذا المجال. ومع ذلك، ورغم هذا الإنجاز التاريخي، ما زالت المرأة اللبنانية حتّى اليوم بعيدة عن الحصول على تمثيل مناسب في البرلمان، وهو ما يعكس تحديات سياسية واجتماعية متعد ّدة.
لبنان في مراتب متأخرة عالميًا وعربيًا
تشير الإحصاءات الحديثة إلى أن لبنان يحتل المرتبة 183 من أصل 187 دولة في العالم من حيث تمثيل المرأة في البرلمان. ما أدّى الى وضع لبنان في أدنى المراتب عالميًا على الرّغم من تقدّمه في منح المرأة حقوقها السّياسية منذ عقود.
وفي المنطقة العربية، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة تتصدر الدول من حيث مشاركة المرأة في السياسة، بينما يأتي لبنان في المرتبة 15 بين الدول العربية في هذا المجال، وهو ما يوضح الفجوة الكبيرة بينه وبين العديد من البلدان الأخرى التي نجحت في تعزيز مشاركة النساء في السياسة.
التحديات المستمرة أمام المرأة اللبنانية
لا تزال المرأة اللبنانية تواجه تحديات كبيرة في الوصول إلى المناصب السياسية العليا. من ناحية، يؤثر النظام الطائفي، بشكل كبير على مشاركة المرأة، حيث يتم التركيز على المحاصصة الطائفية على حساب القضايا المتعلقة بحقوق المرأة. من ناحية أخرى، تحدّ الثّقافة المجتمعية من قدرة المرأة على المشاركة الفعالة في السّياسة، وتعزّز الصور النمطية التي تُقيّد النّساء في الأدوار التّقليدية.
جمعية “50-50” والكوتا النّسائية
خلال مقابلتنا مع جويل أبو فرحات، تحدثت لنا عن الجهود المستمرة التي تبذلها جمعية 50-50 لتطبيق الكوتا النسائية في البرلمان اللبناني. هذه الجمعية تعمل منذ سنوات على النضال من أجل تمثيل سياسي عادل للنساء، حيث تدافع عن تخصيص نسبة محددة من المقاعد البرلمانية للنساء، لضمان تمثيلهن العادل في الحياة السياسية.
وقد أكدت أبو فرحات خلال المقابلة أن 50-50 هي من أبرز المنظمات التي ناضلت بشكل قوي لأجل هذه الكوتا النسائية، التي طالما كانت مطلبًا للنساء في لبنان. ورغم الجهود المستمرة، لم يتم تطبيق هذا النظام بشكل كامل، حيث لا يزال هناك مقاومة من بعض النواب.
نماذج نسائية بارزة في البرلمان اللبناني
شهد البرلمان اللبناني دخول عدد من النساء اللواتي يُعتبرن نموذجًا للعمل السياسي الفعّال. هؤلاء النائبات البارزات في البرلمان مثل بولا يعقوبيان، حليمة قعقور، نجاة صليبا وكل هذه النساء اللواتي يواصلن الدفاع عن حقوق المرأة وتعزيز مشاركتها في الحياة السياسية فهن يشكلن مصدر إلهام للعديد من النساء في لبنان.
الأمل في المستقبل: نحو تمثيل نسائي عادل
على الرغم من التحديات، هناك أمل في المستقبل. ففي السنوات الأخيرة، بدأت النساء اللبنانيات يشعرن بأنهنّ في موقع قوي للمطالبة بحقوقهن السياسية. تتواصل الجهود المبذولة من قبل المنظمات النسوية لدعم تطبيق الكوتا النسائية وتحقيق تمثيل أكبر للمرأة في المؤسسات السياسية.
كما قالت جوال أبو فرحات في المقابلة: "الرجل في السياسة للسلطة، أما المرأة في السياسة للتغيير". هذا التصريح يعكس التوجه الذي تسعى إليه النساء اللبنانيات، حيث لا تقتصر مشاركتهن في السياسة على الحصول على السلطة، بل تسعى المرأة من خلال مشاركتها إلى إحداث تغيير حقيقي في المجتمع.
اخيراً، يبقى الطريق نحو تمثيل المرأة بشكل عادل في السياسة اللبنانية طويلًا، لكنه ليس مستحيلًا. مع استمرار الجهود المبذولة من قبل نساء لبنان مثل النائبات والمنظمات الفعالة، هناك أمل في أن تحقق النساء اللبنانيات تمثيلًا أكبر في البرلمان والحياة السياسية بشكل عام.
إن النساء في لبنان يتطلعن إلى المستقبل بعين الأمل، ويأملن في أن يكون العهد الجديد هو بداية لتحقيق العدالة والمساواة في الحياة السياسية، ليكن جزءًا في صنع القرار وبناء وطن أكثر تقدمًا وشمولًا