كتب جبران خليل جبران في مقال "الموسيقى" في بداية حياته الأدبية:
"تسير الموسيقى أمام العساكر إلى الحرب فتجدِّد عزيمة حميّتهم وتقوّيهم على الكفاح."
صدى الطبل المهيب يطن الى مدى بعيد ولذلك اعتبرت الحضارات القديمة أن الطبل يحمل في ضرباته قوى خارقة وساحرة. فكان الطبل سلاح حربي في حضارة الصين القديمة حيث تم استخدامه في المعارك لرفع معنويات الجيش.
وفي الآونة الأخيرة، اختفت الأبعاد السحرية من معتقدات المجتمع لكن الموسيقى لا تزال عاملاً مهمًا في المعارك الحديثة التي تعتمد على الحروب النفسية أكثر من المواجهات العسكرية. فمؤخراً، أطلقت كوريا الجنوبية عشرات البالونات إلى الشمال تحمل مكبرات الصوت تشغل موسيقى الكاي-البوب لنشر البروباغندا أما كوريا الشمالية فتعدم مواطنيها الذين يستمعوا إلى موسيقى نظيرتها الجنوبية خوفاَ من انفتاحهم على الخارج.
"الموسيقى هي لغة النفوس، والألحان نسيمات لطيفة تهز اوتار العواطف، وهي أنامل رقيقة تطرق باب المشاعر وتنبه الذاكرة فتنشر ما طوته الليالي من حوادث أثرت فيها بماض عبر."
وفعلاً، الموسيقى هي فن التعبير عن المشاعر والأحاسيس من خلال الأصوات والنغمات...هي لغة عالمية تتجاوز حدود اللغة والثقافات. إنها قادرة على التعبير عن أعمق المشاعر التي قد تكون صعبة التعبير عنها بالكلمات. من خلال الألحان والإيقاعات، تستطيع الموسيقى أن تلامس أرواح الناس في كل أنحاء العالم، سواء كانوا يتحدثون نفس اللغة أم لا. كل نغمة وكل لحن يمكن أن يثير مشاعر الحب والحزن والفرح، مما يجعلها وسيلة فريدة للتواصل بين البشر.
"الموسيقى ترافق أرواحنا وتجتاز معنا مراحل الحياة"
للموسيقى دور كبير في حياة الإنسان، فهي تُستخدم في المناسبات الاجتماعية والدينية، وتُعتبر وسيلة للترويح عن النفس وتحفيز الإبداع. وتُعَدّ الموسيقى جزءاً أساسياً من تقاليد معظم الثقافات، بما في ذلك الثقافة اللبنانية. ففي لبنان، تلعب الموسيقى دوراً مهماً في الاحتفالات والمناسبات الاجتماعية، حيث تعكس التراث وتجمع بين الأجيال. وكل نوع موسيقي يعبر عن ثقافة وفترة زمنية معينة. مثلاً الموسيقى اللبنانية التقليدية، كالدبكة والزجل، تروي قصصاً وتعبّر عن الهوية الثقافية.
تعزز أيضاً الموسيقى الانتماء إلى الثقافة والهوية الشخصية. من خلال الاستماع إلى الأغاني والترانيم التي تعكس التراث الثقافي، يشعر الأفراد بصلتهم العميقة بجذورهم وتقاليدهم. الموسيقى تُعَبِّر عن تاريخ وثقافة الشعوب، مما يساعد الأفراد على فهم وتعزيز هويتهم الثقافية. مع كل نغمة من أغانٍ وطنية مثل " بيكفي أنك لبناني" وكل لحن فيروزي، يعزز شعور المستمع اللبناني بالفخر والانتماء. الموسيقى تخلق جسرًا بين الماضي والحاضر، وتؤكد على أهمية الحفاظ على الثقافة والهوية في عالم يتغير باستمرار.
"هي جسمٌ من الحشاشة، له روحٌ من النَّفْس وعقلٌ من القلب"
للموسيقى تأثير قوي على المزاج والعواطف ولذلك تلعب دوراً مهماً في تعزيز الصحة النفسية والتأمل. قد تكون الموسيقى وسيلة فعالة لتخفيف التوتر وتحسين المزاج. تؤثر بشكل عميق على وظائف الدماغ والعواطف. عند الاستماع إلى الموسيقى، تنشط مناطق متعددة في الدماغ إذ تساهم في إفراز هرمونات السعادة وتساعد في الاسترخاء. الاستماع إلى الموسيقى المفضلة يمكن أن يكون بديلاً مهدئاً للتعامل مع الضغوط اليومية، مما يعزز من الشعور بالراحة النفسية ويساعد في تنظيم العواطف وفي تخفيف التوتر والقلق. وأظهرت الدراسات أن الموسيقى يمكن أن تحسن الذاكرة والتركيز كما تساعد أيضًا في تعزيز التعلم اللغوي والمهارات الاجتماعية، لأنها تعزز التنسيق بين الأذن والعقل. باختصار، الموسيقى لها تأثيرات إيجابية قوية على الصحة العقلية والعاطفية، مما يجعلها أداة فعالة في تحسين جودة الحياة.