En | Ar

ليت عقارب السّاعة لم تتحرّك مساء ذات يومٍ حين كنت أحضّر فرض الرّسم لاصطحابه معي في صبيحة اليوم التّالي إلى الصّفّ، ليت العمر توقّف في تلك اللّحظات الّتي تفيض بالبراءة والسّعادة الحقيقيّة ...

أتذكّر جيّداً انتظاري بلهفة أيّامَ العطلة لكي أحظى و إخوتي بقسطٍ من الرّاحة من هموم المدرسة الّتي كنّا نعتبرها عِبئاً نحمله على أكتافنا . كنّا آنذاك نحلم أن نكبر بسرعة و كان الحماس لحياةِ الكبار الّتي ظننّا أنّها "مثاليّة" لا يفارقنا أبداً !

لطالما كان والدي يقول :"لا تستعجلوا و عيشوا طفولتكم ، فذات يوم ستتمنّون لو تعيدون كلّ هذه التّفاصيل ، من يدري لعلّ الحياة تفرّقكم رغماً عنكم ؟!"

لم نعطِ الكثير من الأهمّيّة لهذه الكلمات ، ظننّاه يقول هذا لكي لا نتذمّر ، فدارت عجلة الأيّام و كبرنا ...

كبرنا ، و غدت الثّواني ،الدّقائق و السّاعات تتسابق و العمر يمضي: بتنا نَحِنُّ لأيّامٍ كانت البركةُ فيها بصيص الأمل الّذي ما كان يفارقنا .

كبرنا ، و بات المنى الوحيد هو استرجاع تلك المشاكل الّتي كانت تصطحبنا على مقاعد الدّراسة ، بين كتب تمارين الصّفوف الابتدائيّة ، أقلام التّلوين و عدُوّنا المشترك " قلم الرّصاص"  الّذي كنّا ممنوعين عن استعمال غيره لقلّة فروضنا المهمّة ...

كلّ هذا و الكثير الكثير من اللّحظات الّتي ما زالت محفورةً في أذهاننا و لا أظنُّ أنّها قد تُمحى أبداً ...

صحيح أنَّ ما كنّا نتمنّاه حصلنا عليه ، و معظم أحلامنا السّابقة قد تحقّقت ، لكنَّ المعادلة انقلبت هذه المرّة ؛ بتنا نحِنُّ لأيّامِ الطّفولة ، فالعمر غفلة و قد كان أبي محقًّا في قوله كما العادة  و لكن ما فائدة إدراكي لذلك بعد فوات الأوان ؟

PARTAGER