دعونا نبحرُ سويّاً في بحر العواطف، ونغوصُ لأعماق القلوب، فنكتبُ قصصاً ونستذكرُ حكايات كان الحبّ عنوانها والقلب عرّابها. من منّا لم يذق طعم الحبّ يوماً، من منّا لم تتشابك أفكار الهيام مع مشاعره يوماً؟ من منّا لم يكن أسيراً لروحه الّتي لربما خانته سراًّ في الخفاء؟
الحبّ يا سادتي
...رنّةٌ سحريّةٌ على أوتار القلب البشريّ
... ورشفةٌ أوّليّةٌ من كأس الحياة الأبديّ
,هو كلمةٌ تلفظها الشّفاه فيغدو الفؤاد مسكناً والأضلع مهداً
... هو الزهرة الأولى الّتي نبتت في حقل من الأشواك اللاّمتناهي
.حرفان مفعمان بالأمل والرّقة والطّهارة , فلا يوجد شيء أسمى ممّا تعزفه العواطف في النّفوس الأبيّة
فعاطفةٌ واحدةٌ قد أحرقت طروادة الأسطوريّة، وقيس ليلى قد غدا مجنون العامريّة، روميو وجولييت عانقا الموت بكلّ رومانسيّة، انطونيو وكليوباترا تحدّا العالم فكانت قصّتهما أسمى أضحيّة
لطالما غمرت قصص العشق بنورها مختلف الحقبات, فتناقلت أخبارها في فضاء الرّوح لتسير الى مسارح الحبّ حيث الحياة والموت. للحبّ درجات عديدة، تكون "الصّبوة" بدايته فيتجلّى مفعماً بالغزل بين الحبيبيّن. يليه "الشّغف" فتتلامس القلوب لتُجبَلَ بقلب واحد. فيأتي "العشق" ليكون عين الحبيب ومهده. وقبل أن نحطّ رحالنا على شاطئ "الشّوق" نصارع "النّجوى" ونقاوم مختلف أحزانه. فنصل الى "الغرام" حيث التّعلّق بحبال الهوى لتحملنا الى عالم الخلود. وان وصلتم "للهيام" فقد بلغ الحبّ أسمى صفاته فاضمحلّت نيران البُعد والتقط الحبيبان وردة الحياة كي تُزرَع في مكانها الصحيح
ولكن تأبى أحياناً قصص العشق أن تكتمل، فيكون الحبّ من طرفٍ واحدٍ جحيم المتيّم. يجلس الحبيب متألمّا ينازع تارةً أشباح عواطفه الخائنة، وطوراً يصارع قلبه الذي تخلّى عنه أيضاً، فيضحي جسداً خاليًّا من ذرّة روح. ناهيك عن المتاهة والخصام القائم بين العقل من جهة ودقّات الفؤاد من جهة أخرى
والآن بأحرف ناريّة زفَّ يا حبّ الينا رسائل الأحباب، وبدموع العاشقين اروِ براعم حقول الورد للعشّاق، وبتأوّهات الشّوق رتّل قصائد الغرام، وبلهفة اللّقاء انسج دروب الياسمين والزنابق. ولتبق كما زرعتكَ عشتروت في أرواحنا طاهراً، نقيًّا، بلا شروطٍ محلّقاً في فضاء الحياة