احتفلت كليّة العلوم التربويّة في جامعة القدّيس يوسف في بيروت بتخريج 200 من المرشدين في جهاز الإرشاد والتوجيه في المديرية العامة للتربية (DOPs) في إطار مشروع "تعزيز تعلم وتعليم الفرنكوفونيّة في لبنان"، وذلك في مسرح بيار أبو خاطر، حرم العلوم الإنسانية، برعاية وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال طارق المجذوب بحضور سفيرة فرنسا في لبنان آن غريو ممثلة بالمستشار هنري دي روان، والمدير الإقليمي للأونيسكو في لبنان حمد همامي ممثلاً بالدكتورة سايكو سوجيتا، والمدير العام للتربية فادي يرق، ومديرة صندوق "التعليم لا ينتظر" ياسمين الشريف، ورئيس جامعة القدّيس يوسف البروفسور سليم دكّاش اليسوعيّ، والمدير الإقليمي للوكالة الجامعية الفرنكوفونية جان نويل باليو، وعميدة كليّة العلوم التربوية الدكتورة باتريسا الفتى راشد، وشخصيات أكاديميّة وتربويّة.
راشد
قالت عميدة كلية العلوم التربوية: "لبنان يمرّ بأزمة صحيّة لا مثيل لها وأزمة اقتصاديّة اجتماعيّة غير مسبوقة، من هنا يجد القطاع التربويّ نفسه أكثر هشاشة من السابق، لكن يبقى لدينا الأمل أن بإمكانننا تحقيق التغيير سوية اذا قام كلّ منا بواجبه".
دكّاش
من جهته قال البروفسر دكّاش: "المساعدة في الإرشاد والتوجيه ليست أمرًا هامشيًا بل أمر ضروري جدًا من أجل مساعدة الشباب على اتخاذ الخيارات الصحيحة وتطوير البرامج والأنشطة بحسب قدرات كل منهم".
وأضاف: "كما جاء في دفتر الشروط، فإن أحد أهداف العقد الموقع من قبل أربع مؤسّسات هي سفارة فرنسا واليونسكو ووزارة التربية والتعليم العالي وكليّة العلوم التربوية Fsédu-USJ، السعي إلى "تعزيز التعليم الفرنكوفونيّ من خلال ورش عمل ودروس من أجل تعزيز القدرات التوجيهيّة لدى المعلمين على مستوى النظام المدرسي الرسمي الذي يتعرّض اليوم، كما نعلم، لضغوط بسبب زيادة الطلبات من التلامذة اللبنانيين الذين اضطروا إلى سلوك طريق المؤسّسة الرسميّة في ظلّ تنامي حالات الفقر التي ترزح العائلات اللبنانية تحت وطأتها، خاصة من جانب الطلاّب السوريين. من بين المهام المدرجة في هذا البرنامج، كانت هناك مهمة ترسيخ جودة تدريب التلامذة من خلال مرافقة أعمالهم المدرسيّة من قبل المعلمين، وذلك لخلق جيل يتحمل مسؤوليته".
وتابع: "يمكننا أن نفتخر اليوم بكون هذه الأهداف قد ترجمت إلى مهارات وظيفيّة، كما نفتخر بكم، أيها المعلمون الأعزاء الذين تلقيتم التدريب، لأنكم كنتم على مستوى نواياكم وإرادتكم في أن تكونوا فاعلين متمتعين بالكفاءة، وأنتم تزدادون كفاءة في خدمة المجتمع اللبناني. إذا كان هذا المجتمع يقاوم كلّ شرور الزمن الحالي فهذا بفضل وعيه ومعرفته ومهاراته. هذا ليس عملًا دام بضع سنوات أو قام به جيل واحد، بل هو عمل استمرّ أكثر من 150 عامًا وقامت به عدة أجيال. دورنا يكمن في مواصلة هذا العمل المفيد من أجل تعزيز رأس المال البشريّ اللبنانيّ بغية المساعدة في إنقاذ بلدنا".
وأردف: "اليوم، من خلال التهنئة التي أوجهها لكم كأول دفعة لمشروع تعاونيّ متين وقويّ بين الوزارة وجامعة القدّيس يوسف في بيروت، أودّ أن نواصل هذا التعاون من أجل خير الجميع ولأن مهمتنا تكمن في دعم التعليم الرسمي ومدارسه".
وختم بالقول: "أشكر المدرّبين والمعلمين، أعضاء إدارة الكليّة الذين بذلوا قصارى جهدهم للمساعدة في تحقيق هذا المشروع، مشروع "الدبلوم الجامعيّ في التوجيه التربوي". كما أتوجّه بالشكر إلى مكتب اليونسكو الإقليميّ في بيروت، والسفارة الفرنسيّة، والوكالة الجامعيّة للفرنكوفونيّة، ووزارة التربية والتعليم العالي من خلال مديرية الإرشاد والتوجيه التربوي".
وأعلن دكاش ان "هذا الدبلوم الجامعيّ مفتوح لمن يريد، مع إمكانية الحصول على 25 رصيدًا معتمدًا قابلاً للتحويل إلى ماستر في العلوم التربويّة أو في الإدارة التربويّة، وستسعى الكليّة بجدية لتقديم المساعدة المعنوية والمادية من أجل الوصول إلى هذا المستوى".
دي روان
ممثل السفيرة الفرنسيّة في لبنان قال في كلمته: "فرنسا سعيدة وفخورة بأن يكون التعاون التربويّ وفي مجال التعليم العالي جوهر سياسة تعاونها مع لبنان. وإذا كانت فرنسا قد أعطت أكثر من 22 مليون يورو للنظام التعليميّ اللبناني من خلال مدارس التعليم بالفرنسيّة، وإذا كان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قد التزم بهذا الأمر إلى هذا الحّد، وإذا كان وزيرا الخارجيّة والتربية الفرنسيّتين أبديا اهتمامًا لهذا الحدّ بلبنان، فكلّ ذلك ليس من أجل ما يسمّى "بديبلوماسية نفوذ"، بل لأن فرنسا تؤمن بلبنان وبأن القيم التي يحملها التعليم هي أساس لنهضة أيّ بلد".
أضاف: "الفرنسيّة هي لغة الحبّ بين لبنان وفرنسا، وإذا كانت فرنسا تدافع إلى هذا الحدّ عن حضور الفرنسيّة والفرنكوفونيّة في لبنان فليس من أجل النفوذ بل لأنها مقتنعة بأن التعليم بالفرنسية وإتقانها هما قيمة مضافة للشبيبة في لبنان".
وتابع: "لبنان ليس فقط البلد الذي يستضيف العدد الأكبر من النازحين بسخاء كبير، بل هو البلد الذي لديه أكبر عدد من المواطنين في العالم لديهم نفوذ وإشعاع كبير، فهناك الكثير من اللبنانيين من المؤلفين الكبار، الفلاسفة، الفنانين العلماء والمصرفيين... لذلك نحن نؤمن أن تعدد اللغات هو قيمة أساسيّة ونحن مسرورن للمساهمة في ذلك".
وختم: "الفرنسيّة لغة تحمل قيمًا كونيةً، وتعاوننا مع هذه الجامعة يعكس تعلّقنا بالتعددية التي لا تنفكّ عن الدفاع عنها". وتطرّق إلى مشروع التعاون، لافتًا إلى أن "للمستشار التربوي دورًا أساسيًا في التربية ولهذا ساعدت فرنسا هذه الدورات التدريبيّة".
شريف
من جهتها، قالت مديرة صندوق "التعليم لا ينتظر": "لبنان بلد يقدّر اللغة الفرنسيّة التي هي أيضا تاريخ وثقافة وفلسفة وفن، لهذا فإن وزارة التربية والأونيسكو والسفارة الفرنسية عملوا على دعم تعليم اللغة الفرنسيّة في المدارس الرسمية للاجئين السوريين ولأولاد اللبنانيين للمحافظة على جمال هذا البلد لبنان وثقافته المتعددة، فاللبنانيون يتكلّمون العربيّة والفرنسيّة والإنكليزيّة، ولبنان رغم كلّ أزماته والصراعات فيه هو حضارة الانفتاح والتنوّع". وذكّرت أن "لبنان يستقبل على أرضه عددًا كبيرًا من النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين"، متمنية "استمرار التعاون في هذا المشروع مع الحكومة الفرنسيّة ووزارة التربية في لبنان والاونيسكو، والذي طال في مرحلته الأولى نحو 300 مدرسة رسمية و600 مدربة ومتدرب وعددًا كبيرًا من الطلاّب، إضافة إلى شراء مستلزمات رقميّة ومجموعات ومراجع ووسائل تربوية وألعابًا تربوية للحلقة".
الأونيسكو
أما كلمة الأونيسكو فألقتها المسؤولة عن برامج العلوم الإنسانية والاجتماعية سايكو سوجيتا ممثلة المنظمة العالمية، فقالت: "احتفالنا اليوم بهذا البرنامج الذي يهدف إلى تحسين نوعية تعليم الفرنسيّة في المدارس الرسميّة في لبنان لناحية تعليم الفرنسيّة والعلوم والرياضيّات، ويحتفي بقيمة الفرنكوفونيّة التي نتشاطرها سويا".
أضافت: "إن تعلقنا ببعض القيم مثل الديموقراطية وكرامة الإنسان، وحقوق الإنسان والتنوّع الثقافيّ وحرّية التعبير هي قيم قدمتها اللغة الفرنسيّة لتاريخنا. الفرنسيّة احتلت دائمًا مكانة مهمة بين اللغات، فهي رمز الثقافة والإبداع، وتبقى عنوانًا للديموقراطيّة والإنسانيّة والقيم التي تسعى الأونيسكو إلى نشرها، وإن الإحتفاء بالفرنكوفونيّة هو اعتراف بقيمة اللغة والثقافة من أجل لمّ شمل الناس وخلق مساحة للتضامن والتفكير المشترك بمستقبلنا".
باليو
وأعرب جان نويل باليو المدير الإقليمي للوكالة الجامعيّة للفرنكوفونيّة في الشرق الأوسط عن "فخر الوكالة الجامعيّة الفرنكوفونّية بدعم هذا البرنامج الذي يهدف إلى التقوية والمحافظة على المستوى الفريد في المنطقة للقطاع التربوي في لبنان، وأن هذا العمل المشترك المتعدد الأطراف أتى من أجل تحسين مستوى التعليم بالفرنسيّة"، مؤكّدًا أن "دور الوكالة التدخل لمساندة التعليم الرسمي وهي ملتزمة بالتفكير بتحسين نوعية التعليم من خلال برنامج القدرات المستدامة من أجل وضع استراتيجيّات تنمية متخصّصة للتعليم الإبتدائيّ والتكميليّ".
المجذوب
وقال وزير التربية: "تجتمع حول التربية اليوم كوكبة من المؤسّسات الرسميّة والخاصة، المحليّة والعالميّة، في هذا الحفل المهيب، وفي أصعب الظروف التي يشهدها تاريخ لبنان الغالي، لبنان الذي كان منارةً الشرق عبر مؤسّساته التربويّة وإنسانه المتعلّم والمثقف في آن معًا".
أضاف: "إن إعداد الإنسان وتهيئته لمواجهة ضروب الحياة شكل ثروة لبنان وقوة نهوضه من كلّ كبوة أو محنة يمرّ بها. وتحتضن اليوم جامعة القدّيس يوسف الباقة من المرشدات والمرشدين التربويين، وقد سهرت على إعدادهم ليضيفوا إلى إعدادهم الأساسي كأساتذة ومعلمين، ديبلومًا جامعيًا في التوجيه التربوي".
وتابع: "أيها المتخرجون والمتخرجات، أنتم شركاء في الهمّ التربويّ الذي حملناه سويًا السنة الماضية، وإن شاء الله نحمله سويًا هذه السنة. أقدّر تضحياتكم، فأنتم الأمل والرهان على رفعة القطاع التربويّ في لبنان، فالقطاع يمرّ بأصعب مرحلة من تاريخه. إن جهاز الإرشاد والتوجيه الذي تلقى على عاتقه مهام كبيرة ومتنوّعة، يبذل الغالي والنفيس في سبيل رفعة لبنان ويعمل على رفع قدرات ومهارات المدرسة الرسمية، تربويًا وصحيًا ونفسيًا، إضافة إلى العناية بالتلامذة ذوي الصعوبات التعلميّة، عبر المدارس الدامجة. تمّ بالتعاون مع المعهد الفرنسي بمتابعة دورات تمكين باللغة الفرنسيّة لجميع المرشدين. ومن ثمّ تمّ إعطاء أرصدة جامعيّة لمئتي مرشدة ومرشد باللغة الفرنسيّة والرياضيّات وعلوم الحياة والكيمياء والفيزياء، وهي المواد التي يتمّ تدريسها بالفرنسيّة. وشمل البرنامج أيضًا شراء مستلزمات رقميّة ومجموعات ومراجع ووسائل تربوية وألعابًا تربويّة للحلقة الأولى الأساسيّة، تغطي نحو ثلاثمائة مدرسة رسميّة في المناطق اللبنانية كافة".
وقال: "نشكر منظمة اليونيسكو ومكتبها الإقليمي على التعاون والدعم لجعل هذا اليوم واقعًا وإنجازًا، سوف نرى نتائجه خلال الأعوام الدراسيّة المقبلة. وأيضًا نوجّه الشكر إلى صندوق التعليم لا ينتظر، على الإحاطة بهذا التوجّه، والمساهمة في تمكين أفراد الهيئة التعليميّة، لتحسين نوعية التعليم. وكذلك الشكر لوزارة الخارجية الفرنسيّة ولسفارتها في بيروت وبعثتها الثقافيّة، ومؤسّساتها المعنية بالتعاون وتعزيز التواصل، وتوفير أساليب متنوّعة لدعم التربية في لبنان. والشكر موصول إلى الوكالة الجامعيّة للفرنكوفونيّة على نشاطها الذي انطلق من لبنان، وأصبح إشعاعها يضيء الفضاء الفرنكوفونيّ، مشاريع ومؤتمرات، وعملاً مكثفًا مع المؤسّسات من أجل ضمان الجودة في التعليم العالي في لبنان، وتعزيز التعاون الجامعيّ والأبحاث المشتركة. والشكر تكرارًا لجميع الشركاء، وخصوصًا للسيّدة ياسمين الشريف وصندوق التعليم لا ينتظر. وإلى المزيد من التعاون لخدمة التربية في لبنان".
وختم: "والشكر أيضًا لسهر مديرة الإرشاد والتوجيه هيلدا الخوري على راحة جهازها وإفراده، وتفاني فريق هذا الجهاز في سبيل رفعة التربية في لبنان، وآمل أن أتمكن من إيفاء جزء يسير من تضحياتكم. وأتمنى منكم الوقوف إلى جانب الوزارة لدعم القطاع التربويّ، فإذا سقط هذا القطاع سقط لبنان، لذلك يجب أن نكون يدًا واحدة في سبيل البلد، فأنتم كمربين الرهان والأمل وبكم ينهض لبنان".