الدكتورة سهام رزق الله هي باحثة وأستاذة محاضرة في كليّة العلوم الاقتصاديّة في جامعة القدّيس يوسف في بيروت، وكان معها هذا اللقاء:
في الواقع "شهادة التقدير" التي خصّتني بها "الشبكة السعودية للمسؤولية الاجتماعية" لها أهمية قصوى لاعتبارات عديدة بمختلف الاتجاهات:
أولاً، كونها مبادرة صادرة تحديدًا عن شبكة عربية تعطي كل الاهتمام والمتابعة لمفهوم "المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات" وسبل تعزيزها في المنطقة العربية ككل، وترصد تلقائيًا أعمال كل خبير وباحث في أي بلد عربي يعمل بشكل حثيث ومنتظم على تعزيز ونشر المسؤولية الاجتماعية في بلاده علميًا وعمليًا وبمختلف الوسائل. وهذا يعكس رسالة الشبكة في "التشبيك" بين البلدان العربية، وتظهير التجارب الناجحة في كل بلد عربي وتقدير جهود الأفراد حاملين راية توجيه الاقتصاد نحو خدمة المجتمع.
ثانيًا، كون الشبكة اختارت متابعة جهودنا في مجال المسؤولية الاجتماعية في لبنان حيث لا زلنا شخصيًا نناضل يوميًا من أجل "قوننة المسؤولية الاجتماعية للمؤسّسات"، وقد توصّلنا أخيرًا الى تقديم اقتراح قانون، وتمّ قبوله وتسجيله في أمانة سرّ مجلس النواب بعد تبنيه من أعضاء من اللجنة النيابيّة للصحّة والعمل والشؤون الاجتماعية". وقد أثمرت الجهود مع طلاّبنا في الدراسة والبحث والتواصل مع شركائنا من مصارف وشركات لبنانيّة في إطار "المنصّة الأكاديميّة للمسؤولية الاجتماعية" في كليّة العلوم الاقتصادية في جامعة القدّيس يوسف، كما في استطلاع ودراسة أعدّدتها به حول أبرز عشرة تحديات تواجه إدخال وتطوير المسؤولية الاجتماعية في لبنان واستنتاج النموذج العلمي النظري الأكثر تفسيرًا للحالة اللبنانية وخصوصية التعامل فيها مع المسؤولية الاجتماعية في ظل النظام الاقتصادي الحرّ وحرية المبادرة وضعف دور الدولة وتدخّلها في هذا الإطار، إن كان في التوجيه أو في رصد داتا المعلومات، أو في أي تقديم أي حوافز للمؤسّسات المبادرة نحو المسؤولية الاجتماعية.
ثالثًا: كون التقدير نتج أيضًا عن سلسلة مقالات نشرتها في هذا الإطار تباعًا انطلاقًا من متابعتي لملف المسؤولية الاجتماعية منذ انتشار معايير "إيزو 26000" للمسؤولية الاجتماعية" عام 2010 حين كنت مستشارة في وزارة الشؤون الاجتماعية، وقد اقترحت فورًا مادة "المسؤولية الاجتماعية" بدعم من كليتي بشكل سبّاق (كليّة العلوم الاقتصادية) ثم أعطتها إدارة جامعتنا (جامعة القدّيس يوسف في بيروت) كل الاهتمام فجعلتها "مادة للجامعة مفتوحة لكل الاختصاصات والكليّات" نظرًا لما تعكس من إلتزام للجامعة بالاستجابة للحاجات التنموية الاقتصادية-الاجتماعية في لبنان، ثم مع إطلاق المنصّة الأكاديميّة للمسؤولية الاجتماعية أخذت الأمور بُعدًا أكبر تترجم بالتشبيك مع كبرى المصارف والشركات المسؤولة اجتماعيًا في لبنان وانفتاحها على مشاركة طلاّبنا في مشاريعهم البحثيّة وفي التعاون لاقتراح القانون وفي نشر التوعية لأهمية استهداف ما هو أبعد من "النمو الاقتصادي" وقياس الناتج المحلي عبر التطلّع الى أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.. وهنا لنا الشرف أن تكون جامعة القديس يوسف قد انضمّت عن جدارة واستحقاق الى "ميثاق الأمم المتحدة للتنمية المستدامة" وقد ظهرنا ذلك في كل الكتابات والمنشورات واللقاءات العلمية والعملية.
أما من ناحية التوقيت لـ"شهادة التقدير" فهو أيضًا يحمل دلالة على اهتمام العالم بالوجه المشرق والريادي للمبادرات اللبنانية على الرغم من كل الظروف الضاغطة التي نعاني منها في شتى المجالات. ولا أُخفي هنا تأثري شخصيًا بهذه الالتفاتة من قبل الشبكة العربية التي جاءت كبارقة أمل بأن ثمة من يراقب ويقدّر ما هو "لامع" في لبنان وسط كل الضباب، الحمدالله وكل الشكر لجامعتي، جامعة القدّيس يوسف في بيروت، التي أعطتني المجال والدعم للمضي قدمًا في تطوير العمل على مفهوم المسؤولية الاجتماعية والمساهمة في وضع هذه البصمة التي أتت بإحدى ثمارها من خلال هذه الشهادة على أمل أن تتوالى النجاحات، وتتكثّف الخطوات في طريق الألف ميل نحو التنمية المستدامة بمختلف أهدافها (من مكافحة الفقر والجوع، مرورًا بالحفاظ على الصحة البيئية والسلامة العامة برًا بحرًا وجوًا ، وصولًا الى مختلف حقوق الإنسان وشفافيّة الأعمال ومكافحة الفساد..) التي نحن في أشدّ الحاجة لتطبيقها اليوم قبل الغد.
بالفعل لقد قدمت مجموعة من طلاّبنا بإشرافي ومتابعتي "مشروع قانون لتنظيم "المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات" بعد التواصل بشأنه مع شركائنا في منصة المسؤولية الاجتماعية في الكليّة. وذلك بعد أبحاث حول مبادرات وقوانين عديدة للمسؤولية الاجتماعية في مختلف البلدان الأوروبية والأميركية كما العديد من البلدان العربية التي سبقتنا في هذا الإطار مع الأخذ بعين الاعتبار طبعًا خصوصية الاقتصاد اللبناني ومؤسساته. وتم تقديم الاقتراح في مجلس النواب الى عضو اللجنة النيابية للشؤون الاجتماعية والصحة والعمل النائب الدكتور فادي علامة بمشاركة الوزير السابق للشؤون الاجتماعية وأيضًا عضو اللجنة النيابية نفسها النائب بيار بو عاصي، وبعد طول مباحثات تم التوصل الى الصيغة النهائية التي سجّلها النائب د. علامة في أمانة سر مجلس النواب لتكون على جدول الأعمال لدراستها والتصويت عليها في أقرب وقت، وقد تم إبلاغنا باقتراب الموعد مع عودة الجلسات بعد التأخير الذي استجد بسبب كورونا وأوضاع البلاد.
يقضي مشروع القانون بإنشاء منصة رسمية "للمسؤولية الاجتماعية للمؤسسات" تتولى من جهة تقويم المؤسسات الراغبة في أن تصنف "مؤسسات مسؤولية اجتماعيا"، ومن جهة أخرى، وعلى منح هذه المؤسسات الحوافز الخاصة بهذه الفئة ومتابعة تقاريرها السنوية للتأكد من مدى استمرار استحقاقها لهذه الحوافز سنة بعد سنة. على أن تتولى المنصة الرسمية منح "علامة تميز" للمؤسسات اللبنانية التي تلتزم المبادئ الخاصة بالمسؤولية الاجتماعية وأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة SDGs وتعمل على ترجمتها من خلال استراتيجيات خاصة تتبعها في عملها وعلاقتها مع مختلف أصحاب المصالح من مساهمين مستثمرين، موظفين، زبائن، موردين، شركاء، منافسين، إدارات عامة، مؤسسات إعلامية وجمعيات ونقابات ومنظمات غير حكومية على علاقة بها أو متأثرة بأعمالها". وقدم الطلاّب مشروع القانون إلى علامة كونه من المبادرين في مجال المسؤولية الاجتماعية من خلال اعتمادها في مستشفى "الساحل" والسعي إلى بلورة أطرها التنظيمية، وشرحوا مختلف خلفياته وبنوده ومنهجية إعداده.
المسؤولية الاجتماعية للجامعات لها مرتكزات ثلاثة حملتها جامعة القديس يوسف في قلب رسالتها قبل حتى أن يًعرَف مفهوم "المسؤولية الاجتماعية". وقد تمكّنت أن تجمع بين المستوى العلمي الرفيع، الذي يعطي تصنيفًا دوليًا يسمح لحامله بالاعتراف بشهادته في كل بقاع الأرض، مستوى بحثي يجعل العلوم في خدمة الاستجابة لحاجات المجتمع، وإيجاد حلول لمشاكله، كذلك مستوى الخدمة الاقتصادية للأفراد والمجتمع، من خلال المساهمة بتحقيق أهداف التنمية المستدامة. هذه الأهداف تترجم يوميًا في الجامعة بتعزيز روح المواطنة والعدالة الاجتماعية وحقوق الانسان وتكافؤ الفرص وفتح أوسع المجالات للطلاّب اللبنانيين في الحرب والسلم، وفي أيام البحبوحة والأزمات.. هكذا جعل هذا الصرح الكبير من قيمه الانسانية البوصلة الأساسية لبناء وطن على أسس سليمة من العيش معًا، وجعله منارة على قدر شعلة شبابه الواعد. مع تنامي الأسئلة عن مفهوم المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات وخصوصًا منها المؤسسات التربوية، لا سيّما مع أهداف الميثاق العالمي للأمم المتحدة، الذي تخطّى المسؤولية الاجتماعية للشركات لتشملَ وفقَ معايير أيزو 26000 مختلف المؤسسات العامة والخاصة والمنظمات غير الحكومية التي لا تبتغي أساسًا الربح، لا بدّ من اعادة التذكير بالركائز الثلاث للمسؤولية الاجتماعية للجامعات: التعليم، الأبحاث العلمية، وخدمة المجتمع، من خلال المساهمة في التنمية المستدامة والحدّ من أوجه عدم المساواة الاجتماعية... جامعة القديس يوسف في بيروت تعيش "المسؤولية الاجتماعية في كل تفاصيل خياراتها ونشاطاتها دون جهود لإضافتها الى استراتيجيتها.
إنها في صلب تكوينها وفي طبيعة عملها وفي "نَفَسها" اليومي الذي يتترجم من ثلاثية أدائها العلمي، عملها البحثي وخدمتها للمجتمع.. بين منصة المسؤولية الاجتماعية وتطبيق أهداف التنمية المستدامة، والأداء الاستثنائي لـ"مكتب الخدمة الاجتماعية" الذي يؤمن المنح ويساهم في تقليص الهوة بين الشرائح الاقتصادية الاجتماعية في الوصول الى المستوى العلمي الذي تطمح به لأبنائها بكل سرية تحفظ كرامة الانسان وتنمي روح انتمائه للرسالة الانسانية السامية، وفي التعامل مع الأساتذة والموظفين، وفي تكافؤ الفرص في كل الفرص والمشاريع المطروحة، وفي شفافية العمل من أصغر المهام الى أكبر الانجازات، وفي عملية "اليوم السابع" التي تحمل المواطنة والتضامن الاجتماعي في كل استحقاق وطني وأزمة كبرى (من حرب تموز 2006 مرورًا بالأزمة الاقتصادية ووباء كورونا وصولاً الى كارثة بيروت...).
بعد زلزال مرفأ بيروت أصبحت «المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات» أولوية ملحة وطارئة، حفاظاً على سلامة الناس وصحتهم وبيئتهم المحيطة وحقوقهم السكنية والمعيشية والاجتماعية الشاملةّ! و«المسؤولية الاجتماعية» ليست مجرّد بحث في مفهوم جديد يتألّق عالمياً في مختلف الشركات والقطاعات، لتلميع صورتها وزيادة حصّتها في السوق، من خلال عمل خيري وتقديم المساعدات للمجتمع… «المسؤولية الاجتماعية» مفهوم ضروري وفق معايير «ايزو 26000» في كل المؤسسات العامة الخاصة والمشتركة وكل المرافق الحيوية من موانئ ومطارات ومحطات نقل ومؤسسات كهرباء وسدود مياه ومخازن وقود ومستودعات مواد.. ليكون عملها مسؤولاً إجتماعياً تجاه عمالها وموظفيها وزائريها وزبائنها ومشتركيها وشركائها وسكان المناطق المجاورة لها، ولتكون أمينة وآمنة ومسؤولة تجاهها صحياً وبيئياً واجتماعياً، لتفادي المخاطر، قبل البحث في تغطية الأضرار والتعويض عن الأذى…هذه معاني «المسؤولية الاجتماعية». ومن الواضح اليوم أكثر من أي يوم مضى، كم باتت أولوية.
أما الأفرقاء المعنيون بالاستجابة الى حاجاتهم فهم مختلف العملاء الاقتصاديين المعنيين بعمل المؤسسة من موظفين، زبائن، مؤسسات منافسة، إدارات عامة، هيئات مدنية من جمعيات ومنظمات غير حكومية، ووسائل إعلام … تربطها بالمؤسسة عقود عمل أو قوانين مرعية الاجراء أو أنّها تتأثر بنشاط المؤسسة وتؤثر فيه، من خلال تواصلها مع الرأي العام… فيكون على المؤسسة المسؤولة اجتماعيًا أن تحدّد حاجات المجتمع الذي تعمل فيه وأولويات المشاريع التنموية المطلوبة لتتمكّن من إدراجها ضمن استراتيجياتها.
هكذا ترتقي المؤسسة من العمل الخيري الذي ينتهي مفعوله آنيًا (مثل تقديم مساعدة مالية لجمعية تُعنى بالمقعدين في منطقة معينة) لتلتزم بالاستجابة الى الحاجات التنموية المستدامة للمجتمع (مثل تأمين البنى التحتية المناسبة لتنقّلهم وتوظيفهم في مشاريعها التنموية المستدامة في مختلف مناطق انتشارهم، بحيث يصبحون مستقلين ماليًا عن ذويهم ولا يعودون في حاجة الى المساعدات الخيرية).
في الواقع، وبعدما تفاقمت الأزمات الاجتماعية الى حدّ تسجيل عدم قدرة الدولة على الإستجابة لوحدها الى الحاجات الإنسانية والإجتماعية للفرد أو الجماعة، ظهر بوضوح انّ الهمّ الإجتماعي بات مسؤولية مجتمعية، يتشارك فيها الجميع، وفي مقدّمهم قطاعات الإنتاج التي تُعتبر العامود الفقري للإقتصاد، فتظهّر دور المنظمات غير الحكومية ودور المجتمع المدني، كما تبلور حديثًا مفهوم المسؤولية الاجتماعية، وتطوّر بسرعة ليصبح من أهمّ المبادئ التنموية على المستويين الإجتماعي والإقتصادي. فكان من الطبيعي ازدياد اهتمام المؤسسات والشركات في ولوج هذا الباب، إسهامًا في مداواة الحاجة الاجتماعية وترسيخًا للعلاقة المتوازنة الضرورية على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، مع تأكيد اضطلاع الدولة بمسؤولياتها كإطار ناظم وشريك أساس في المهمة، في إطار ما يُعرف بالشراكة بين العام والخاص (PPP).
لمعرفة أبرز سبل تعزيز "المسؤولية الاجتماعية في لبنان" ينبغي الارتكاز الى التحديات التي تواجهها بغية العمل على معالجتها وهي تتلخّص بـ:
في لبنان، لا يزال مفهوم المسؤولية الاجتماعية يتقدّم ببطء نظرًا لاعتماده على المبادرة الحرة والطوعية للمؤسسات من دون أي قيد أو رقابة أو تقدير أو تشجيع أو حوافز غير المنافسة بين المؤسسات نفسها على تلميع صورتها إزاء المستهلكين لزيادة حصتها في السوق ليس إلّا. الأمر الذي يجعل نمو المسؤولية الاجتماعية خجولاً في لبنان لأسباب عديدة يمكن تلخيصها كالتالي:
1 - مبادرات غير مؤطرة وتطوعية: جميع مبادرات المسؤولية الاجتماعية للشركات والخطوات التي قامت بها الشركات اللبنانية اتخذت بشكل طوعي وحرّ في ظل غياب أي توجيه أو إرشاد أو إشراف من قبل الادارات الرسمية.
2 - ضعف المعلومات والبيانات حول المسؤولية الاجتماعية للشركات في لبنان: غياب المعلومات بغياب رصد أي مؤسسة للمعلومات المتصلة بالمسؤولية الاجتماعية للشركات في لبنان سواء في القطاع الخاص أو من حيث القطاع العام.
3 - غياب أي توجيه نحو القطاعات التي تحتاج التدخل الاجتماعي للمؤسسات فيها، ما يحصر من مشاريع المسؤولية الاجتماعية للشركات في مجالات محددة (التعليم، الصحة، البيئة...)
4- غياب الضغط من جانب أصحاب المصالح لتطوير المسؤولية الاجتماعية للشركات (المستهلكين، العاملين، المستثمرين، الإعلام، النقابات...)
5 - عدم وجود حوافز من الدولة لتشجيع تطوير المسؤولية الاجتماعية للشركات (مثل تخفيض الضرائب أو تقديم قروض بفوائد مخفّضة للمؤسسات المسؤولة اجتماعيًا...)
6 - غياب أيّ تقييم للجهود المبذولة من قبل بعض المؤسسات في مجال المسؤولية الاجتماعية أو عربون أو شهادة تقدير تميّزها عن سائر المؤسسات المنافسة لها في قطاعاتها.
7 - عدم وجود قانون أو أي نوع من التشريعات التي تشجع على التعاون بين القطاعين العام والخاص لتشجيع بعض مبادرات القطاع الخاص مثل المسؤولية الاجتماعية للشركات، لا سيما بعد تأخير بتّ اقتراح القانون المتعلّق بالشراكة بين القطاعين العام والخاص.
8 - إفتقاد أطر الحوار بين القطاع الأكاديمي والقطاع المهني من جهة وبين القطاعين العام والخاص من جهة أخرى حول المسؤولية الاجتماعية للشركات.
9 - ضعف حملات التوعية في وسائل الإعلام حول المسؤولية الاجتماعية للشركات التي لا تزال مغمورة.
10 - ندرة برامج تبادل الخبرات مع الشركات المتعددة الجنسيات في مجال المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات بغية تسهيل سبل الالتزام بالمعايير الدولية المتصلة بها تدريجًا.
كما لا بدّ من توضيح الفَرق بين المسؤولية الاجتماعية و"العمل الخيري"، اذ غالبًا ما يختلط الاثنان في ذهن المجتمع، لا سيما في الأزمات، حيث الحاجة الملحة لترجمة المساعدة بدعم مالي سريع مباشر، بغض النظر عن السلّة الاجتماعية التنموية الشاملة ونوعية الخدمات المقدّمة. لا شك أنّ "العمل الخيري"، مثل المساعدة المالية وتأمين الِمنح الدراسية وتخفيض الأقساط لمن هو غير قادر على تسديدها كاملة، يندرج من ضمن استراتيجية المسؤولية الاجتماعية، ولكنه وحده لا يحقق المسؤولية الاجتماعية التنموية المطلوبة، ما لم يترافق مع سلة الركائز الضرورية. كما أنّ تحقيق الهدف العاشر للأمم المتحدة المتمثّل بتخفيف «أوجه عدم المساواة الاجتماعية» لا يكون بالدعم الشامل العشوائي للجميع بشكل متشابه، بل بأخذ في الاعتبار قدرة كل فرد وخلق روح التضامن، التي تجعل الأكثر قدرة يساهم في تعزيز وضع الأقل قدرة، بما يعزز المساواة ويحقق التنمية المستدامة والانسجام في النسيج الاجتماعي للوطن والعدالة، في الحصول على فرص التقدّم وتحسين أوضاع العائلات وفق جهود شبابها والتزامهم بالقيم الانسانية التي تتخطّى كل أنواع الفروقات الاجتماعية.