فصل دراسيّ جديد، هو الأخير لدفعة 2019 لطلبة ماجستير الترجمة الفوريّة. أوّل حلقة تدريبيّة فيه أدارتها السيّدة بريسكا شاوي، الترجمانة في مقر الأمم المتّحدة في جنيف وفي مجلس حقوق الإنسان التابع لها. لا يضاهي دماثة خلق السيّدة شاوي سوى حرفيتها العالية وحسّها العملي. تنوّعت تمارين الحلقة بين الترجمة البصريّة (ترجمة شفهيّة ومباشرة لنصّ مكتوب)، والترجمة التتبعيّة (ترجمة شفهيّة لنصّ محكيّ إستناداً إلى رؤوس أقلام)، والترجمة الفوريّة (ترجمة شفهيّة ومباشرة لنصّ محكيّ) التي كان لها نصيب الأسد. إستمرّت الحلقة ثلاثة أيام وكان موضوعها مجلس حقوق الإنسان وآلياّت عمله المختلفة. ثلاثة أيام كان لكلّ واحد منها عبرته، ثلاثة أيام لم تخل بدورها من محاضرات عمليّة أخرى، كالمعتاد!
اليوم الأوّل: الإيجاز، دائماً وأبداً
ترجمنا فوريّاً إستعراضاً لتقارير قدّمت للمجلس. المتحدثون سريعون للغاية، التقارير مليئة بالمصطلحات والمفاهيم والأفكار المتراكبة. كعادة المبتدئين وقعنا مرة أخرى في "الفخ"، إذ حاولنا أن نترجم كلّ ما يقال وأن نلتصق بالنص، فكانت الكارثة! زاغ النص كالزئبق، ولم يتوقّف المتحدث ولم يكن بوسعنا أن نتوقف أيضاً! إذاً علينا تلخيص ما يقال من دون بتر المعنى.
اليوم الثاني: تجريد المعنى من الكلمات
موضوع كتبت فيه نظريّات، وهو فعل مهمّ للترجمان، إذ يجب الولوج إلى المعنى وعدم التشبّث بتركيبة النص الأصلي وعباراته، فالخطابات أكثرها سريع وسيئ الصياغة، وكثير من المتحدثين لا يتقنون فنّ الخطابة، وهكذا ما من خيار للترجمان إلاّ البحث النشط عن المعنى، ثم نقله للسامع مختصراً من دون إخلال به.
اليوم الثالث: الشطب الواعي للعبارات المحشوّة
كثيرة تلك العبارات المتعاظلة التي تستنزف طاقة الترجمان ووقته الثمين، والتي لا تضيف معنى يكترث له السامع، لذا لابدّ من تجاهلها بشكل واع لا يخلّ بالمعنى.
كانت حلقة بريسكا شاوي تجربة رائعة، حبّذا لو تتكرر مع الدفعات القادمة!
Mossab Bachir
M4- Interprétation