جائزة هاني فحص في دورتها الثالثة لطارق متري

Mercredi 5 décembre 2018
Campus de l'innovation et du sport

 

وطنية - أقيم في حرم الابتكار والرياضة في جامعة القدّيس يوسف – أوديتوريوم فرنسوا باسيل، احتفال تقديم الدورة الثالثة من جائزة أكاديميّة  هاني فحص للحوار والسلام بالشراكة مع جامعة القدّيس يوسف - معهد الدراسات الإسلاميّة  والمسيحيّة  وأكاديميّة  البلاغة وكرسي اليونيسكو لدراسة الأديان المقارنة والوساطة والحوار في اليسوعيّة وكرسي اليونيسكو في جامعة الكوفة - العراق، والجائزة هذه السنة مزدوجة: "جائزة هاني فحص لصنّاع السلام" لمدير معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأميركيّة الدكتور طارق متري، و"جائزة الدفاع عن التعددية" لجمعية "سانت إيجيديو"، بحضور ممثل رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري مستشاره فادي فواز، الرئيسين أمين الجميل وميشال سليمان، وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال نهاد المشنوق، الرئيس حسين الحسيني، الرئيس فؤاد السنيورة، وممثل كل من رئيس "اللقاء الديموقراطي" وليد جنبلاط والنائب تيمور جنبلاط رامي الريس،  ورئيس جامعة القدّيس يوسف البروفسور سليم دكّاش ورجال دين لبنانيين وعراقيين وأكاديميين وفاعليات.

دكاش
بعد النشيد الوطني وكلمة تقديم للزميلة ماجدة داغر، عرضت شهادات عن الجائزة ونشأتها، تحدّث رئيس الجامعة البروفسور سليم دكّاش فرأى أن "العلاّمة هاني فحص رحل قبل الساعة إلى دار الخلود، بعدما ملأ الساعة والساعات بفكره النيّر وحضوره المميز وأقواله المأثورة التي ما زال يتردد صداها في جوانب هذه الدار. وعندما تتصفح بعض كتاباته وترى أحوالنا اليوم، لكأنك تسمع صوته القوي الجهور محللاً مفكرًا موجزًا موجهًا".
أضاف: "العلاّمة هاني فحص اختار من عمق الإيمان الذي كان متغلغلاً في جوانب فكره وقلبه، أن يكون داعية إلى الأعلى في الدعوة إلى الدين، ألا وهي الدعوة إلى التغيير، التغيير نحو الأخوّة والعيش المشترك، لأنه الحقيقة على مستوى الفرد والجماعة والمؤسسة إلى أن يرتفع الداعي إلى مستوى الدعوة إلى اللقاء القوي بالآخر المختلف الذي هو جزء من ذاتيته وخارجها، مذكرًا بقوله "إن الحوار الذي يصون العيش المشترك أو العيش المشترك هو شرط للسلام وهو دائر لا يتوقف وإن تعثر، أو تباطأ أو استخدم من قبل غير المؤمنين به لأن المختلفين ملزمون به من أجل الحياة".

واعتبر أنه "عندما تكرِّم أكاديميّة  هاني فحص الدكتور طارق متري بجائزة هاني فحص لصنّاع السلام، كأنما تكرِّم ركنًا أساسيًا من النظام الجديد الذي نودّ أن يعمّ بلادنا وقلوبنا، نظام الحوار والسلام وبناء المجتمعات على الديموقراطية والمواطنة، وعندما تكرِّم جماعة "سانت إيجيديو" إنما تكرِّم جماعة اشتهرت بقدرتها على جمع الأبعدين وعلى تشبيع حوار المختلفين لاستجلاب فقه متوازن موجه للحياة، وعندما تكرِّم فيلم "لأنه إنسان، لأنه بشر"، فذلك يعني أن جماعة الطلاّب وقدامى طلاّب معهد العلوم الإسلاميّة  والمسيحيّة  في كليّة العلوم الدينيّة في الجامعة اليسوعيّة، أصابت في تحقيقها هذا الفيلم الذي يروي بطولات الناس الخفيّة عندما أنقذت أرواحًا رفيقة لها في الإنسانية إبان الحرب الأهليّة في لبنان".

مسرَّة
أما رئيس كرسي اليونيسكو للدراسات المقارنة للأديان والوساطة والحوار في جامعة القدّيس يوسف الدكتور أنطوان مسرّة فتحدّث عن هاني فحص الذي "يعاين ويعاني ويأمل" وعن مؤلفاته في "الفكر الدينيّ: الأصالة والتجدّد في الفكر الدينيّ في لبنان والمنطقة، وفي التعددية: الدفاع عن تراث المنطقة العربيّة والشرق وصيانته في تعدّدية نسيجه الدينيّ والثقافيّ، وفي الحوار: الحوار والتواصل والعلاقات الحياتيّة واليوميّة بين الأديان والمذاهب في لبنان والمجتمعات العربيّة كمصدر ثراء حضاريّ وسلم أهليّ مستدام".
ورأى أن "الجائزة تحمل بعدًا عالميًا ولبنانيًا، وأهميتها تكمن في أنها تحمل متابعة مع الطلاّب ومع الجيل الجديد، ما يعطي أملاً جديدًا في الاستمرار والمتابعة".

ترنتيني
من جهته، قال المسؤول عن العلاقات الخارجيّة في جمعية "سانت إيجيديو" أندرياس ترنتيني إن "السمة البشرية التي كانت تلفت النظر بشكل أوسع عند السيد هاني كانت فضوله تجاه الآخر وقدرته على التكلم مع الجميع. فالدفاع عن التعددية لم يكن أيديولوجيّة بل تجربة حياة: شهادة حياة في أوقات صعبة بالنسبة إلى الشرق الأوسط، عاشها دومًا بالأمل والحوار المحترم مع الآخرين، ممن هم من غير أهل الشيعة، من غير المسلمين، من غير اللبنانيين وذلك بحثًا عن ما يوحِّد".

وذكّر بقول القدّيس يوحنا بولس الثاني "لبنان ليس بلدًا، بل رسالة"، معتبرًا أن "تعقيداته والتعايش الشاق لأقلياته المتعدّدة يجعل من الضروري الحفاظ عليه كقيمة نادرة"، ليخلص إلى أن "التحدّي المتمثل في عالم اليوم المعقد والمتنوع هو، بالتحديد، التعايش ما بين مختلفين والدعم المتبادل في ما بينهم، ولتحقيق ذلك نحن بحاجة إلى جهود روّاد، من أمثال السيد هاني فحص".

ناظم
بدوره رأى رئيس كرسي اليونيسكو في الكوفة حسن ناظم أن "هذه الجائزة في التعدّدية لها وجهان: وجه مشرق يدلّ على مهر اسم السيد هاني فحص بأنشطة ومؤسّسات وأسماء محترمة، لكن الوجه الثاني يشير إلى قتامة أوضاعنا، فالجائزة أيضًا دليل أزمة ومفارقة، هي أزمة ومفارقة الاحتفاء بالإيمان والعمل على التعدّدية، أزمة ومفارقة تعالي جماعات على أخرى عددًا وأموالاً وما ينتج من هذا التعالي من سحق لقيم التسامح والاعتراف وقبول الآخر والتعدّدية".

متري
أخيرًا، تحدّث متري فقال: "أكرمني الله بصداقة هاني فحص. هي صداقة تقوى على فراقه وعلاقة محبَّة ليس لها آخر. ازداد تشرفًا بالجائزة لأنها على اسمه وأراها بصورة الدعوة لا المكافأة. لعلّها دعوة إلى تجديد الأسئلة التي شغلتنا معًا وإلى مواصلة المجازفة في قراءة الكتب المقدّسة، ومعها تراثاتها المتنوّعة، من حيث تساؤلنا، وإلى التعلّم من الأخطاء، كي نترك لأحداث الماضي أن تلعب معنا اللعبة الخبيثة المعروفة، أي أن تعود إليه وإلينا من حيث لا نتوقعها. لم يتلاعب السيَّد مرةً بالذاكرة ولم يضعها في مواجهة مع التاريخ. ولم يرغم الوقائع والنصوص على الجري وراء نظرياته من غير ندم أو شبهة ندم. ولفرط ما آلمه النزوع إلى لي ذراع الماضي، لم يجد غضاضة في المجاهرة إنه مدمن ندم. كلما التقيته وجدته محاصرًا بالأسئلة حتى قال في وصف نفسه إنه كومة من الأسئلة. وبانفتاح السؤال على السؤال، أظهر لنا مرارًا استعداده لتعليق الأحكام القيميّة ولو لحين. فمن دونه لا فضول ولا إصغاء ولا اكتشاف، وبه نحاذر الجزم والقساوة في الحكم على الرأي المخالف. كان مشدودًا، وما انفك يشد سواه الى الآية الكريمة من سورة المائدة والقائلة: ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون".
وتابع: "لم ينفصل هاني فحص عن طائفته، كما فعل البعض مع طوائفهم فلم يتدبروا أمرهم ولا أمر لبنان معها. غير أنه لم يستغرق في الولاء لها، أو الانحياز إلى مصالحها، الفعليّة أو المفترضة. ولم يقع في أسر عصبية تجعل منها كتلة متجانسة في وجه كتلة متجانسة أخرى. ولم ير نفسه بصورة الواقف في صف جمهور، يتشكل بقوة الانقياد والتماثل وقدر من الإذعان. فاستعان على الانتظام واطمئنانه الخادع بالسعي إلى الحوار، لا سيّما حيث يبدو غائبا أو واقعًا تحت ركام الكلام. ذلك أن الحوار ليس زينة ولا زيَّا، ولا مجرد مسايرة في التخاطب أو تقابلًا للكلام إزاء الكلام أو ضدّه، يمهد للتفاوض أو يستأخره. ولم يعد نفسه بين محبّي المناظرة، وفي ما اختبرته معه لم يستجب لمناظرة سواه. بدا همّه الأول أن يأتي الصواب على لسان غيره أو على لسانه، حسب عبارة الإمام الشافعي. ولنا في ما قاله عن اللعب مع اللغة كناية بالغة الإيحاء عن الأخطاء الكثيرة التي تقود الى الصواب حتى تصل بصاحبها الى التمنّي بأن يخطئ في كلّ شيء، ولو كان ذلك في يده، ليتعلّم الصواب في كلّ شيء".
وختم: "أيها الأعزاء القيمون على الأكاديميّات والكراسي المؤتلفة في استعادتها بعضًا مما تركه لنا هاني فحص، أرد لكم ممتنًا شيئًا ممّا أخذت منه، وأقول لكم مودتي أيها الحضور الكرام. سعدت بكم جميعًا. والسلام".
ختامًا، سلّم الجميل الى متري الجائزة بمشاركة سليمان والمشنوق والحسيني والسنيورة وزيد فحص ممثلاً العائلة.
ومنحت "جائزة الدفاع عن التعدّدية" لجمعية "سانت ايجيديو"، و"جائزة التقدير المهني" لفريق فيلم "لأنه إنسان" وللدكتور عبد الأمير قاسم عن عمله "إشكالية فهم النصوص المرجعيّة للأصوليّات المعاصرة".