باتريك بوافر دارفور يتحدّث عن المهنة والصعوبات

Annahar du 31 Octobre 2016
31 Octobre 2016

لم يفقد الأديب والصحافي الفرنسي الكبير باتريك بوافر دارفور إنسانيته، لا بل ضاعفها مرات عدة. أسقط أمس دارفور كل الحواجز، التي تربك بعض الإعلاميين على شاشاتنا المحلية، ليتحدث عن "مهنة المتاعب" وتجربته الغنية فيها. فهذا الصحافي الذي لم تفقده الشهرة تواضعه، حكى عن فقدان إبنته وأبعد من ذلك. عكس الحوار، الذي دعا إليه معهد العلوم السياسية في جامعة القديس يوسف، تفاعلاً إيجابياً بين دارفور وطلاب يشقون طريقهم في الحقوق والإعلام والسياسة. إستطاع جيل مثقف واعد في هذا اللقاء، الذي أداره منسق برنامج ماستر التواصل والتسويق السياسي في المعهد البروفسور باسكال مونان، أن يواكب إلتزام دارفور بالإنسان وقضاياه مهما تكن موجعة. إعتبر دارفور أن الحياة هي المدرسة الأولى للصحافي وصقل مهاراته، وهي تكون من خلال سفره للتعرف عن كثب على خصوصية البلد، أهله وسياسته. إنتقد كل من يرتكز على أحكام مسبقة لانتقاد جماعة ما، داعياً الصحافيين إلى البحث عن الحقيقة في الميدان. ورأى أن السفر يعزز لدى الصحافي شعوراً مهماً بقبول الآخر إلى حد كبير. وصف الصحافة أنها مهنة رائعة لا تخلو من الصعاب، لا سيما في ظل واقع اقتصادي يهدد اليوم ديمومة المهنة ومؤسساتها. لكنه تمسك بموضوعية الصحافي واستقلاليته في العمل، وقال: "تضفي المهنة الكثير من السعادة لصاحبها، حتى لو كان هذا الأخير يغطي نزاعات دولية أو قابع أمام خطوط التماس. ونوه دارفور بمسؤولي محطات التلفزيون الذين لم يخضعوا لضغوط بعض السياسيين الذين يبدون امتعاضهم من كلام لاذع، أو سؤال وجّه لهم مباشرة. ورفض قطعياً الصيغة المعتمدة في صياغة المعلومات من دون الإشارة بالإسم إلى مصدرها، معتبراً أن على الصحافي الإصرار على ربط معلوماته بجهة واضحة قادرة على التصريح بوضوح. وانتقل إلى الحديث عن الرابط العضوي بين الصحافي والسياسي، فأمل ان ينتقل كل من تربطه علاقة مهنية أو خاصة بسياسي إلى الكتابة في شؤون ثقافية وأدبية لا تمت للسياسة بصلة. ورداً على سؤال عن أبرز المحطات التي طبعت عمله خلال النقل المباشر على الشاشة، قال: "إن فاجعة 11 أيلول 2001 كانت بالنسبة إلي الحدث الذي صعّب علي طرح أسئلة مباشرة لمعرفة حقيقة ما يجري. لكنني أدركت يومها أننا دخلنا مرحلة جديدة، لا بل أقحمنا هذا الحدث في خضم القرن الـ21". وتوقف عند تدني مستوى الخطاب في الحملات الإنتخابية الأميركية، مبدياً أسفه الشديد للنموذج الذي نراه اليوم. وشكر أحد الحاضرين على سؤاله عن مدى حب اللبنانيين للفرنسيين قائلاً: "نشكركم أنكم تحبوننا أكثر مما نحب أنفسنا. يشعر اليوم الفرنسيون بخيبة أمل كبيرة من النخبة الموجودة. وشدد على أن ثمة شخصيات عالمية عدة تأثر بها عندما إلتقاها عن كثب، أولها البابا يوحنا بولس الثاني، ثم نلسون مانديلا الذي حاوره بعد ثلاثة أيام على خروجه من السجن. ونوه بحوارات عدة جمعته مع رائدات في السياسة، منهن بينازير بوتو وإنديرا غاندي. على الصعيد الشخصي، هو رجل قهر مرضاً ما وأصبح من بعده أحد الناجين من "شره". لكنه أكب على كتابة وجعه بعد خسارة إبنته التي إختارت الإنتحار لإنهاء معاناتها من مرض فقدان الشهية. عمل مع السيدة برناديت شيراك عندما كانت "سيدة الإليزيه" لنشر التوعية على هذا المرض الذي عانت منه إبنته، والعمل معاً لإنشاء مستشفى خاص في باريس لهذه الحالات.