ظهر الملخص التنفيذي لدراسة ستطلقها جامعة القديس يوسف نهاية هذا الشهر، أنه مع مرور الوقت يتدنى مستوى الأمان لدى اللاجئين السوريين، وتسوء علاقاتهم مع السلطات. فـ 25% من اللاجئين تعرضوا لاعتداءات لم يبلغوا بمعظمهم عنها، خوفاً من التوقيف، لأنّ 70% منهم لا يملكون أوراقاً قانونية، ما يعزز شعورهم بانعدام الأمان
منذ أن بدأ تدفق اللاجئين السوريين إلى لبنان ارتفعت الأصوات التي حذّرت من مخاطر عدم اعتماد استراتيجية واضحة في التعامل معهم وعدم إدارة هذا الملف بشكل سليم. إلّا أنّ الدولة اختارت الهرب، فاعتمدت سياسة «اللاسياسة» في مواجهة أكبر أزمة لجوء. بعد سنوات قليلة، عندما تجاوز عدد اللاجئين المليون، انتبهت منظمات الأمم المتحدة إلى ضرورة الالتفات إلى المجتمعات المضيفة حيث يتنافس اللاجئون واللبنانيون على موارد قليلة، ما سيؤدي إلى انفجار هذه المجتمعات بوجه اللاجئين، فبدأت بتنفيذ مشاريع مخصصة لهذه المجتمعات بهدف امتصاص التوتر وتخفيف الاحتقان.
أمّا الدولة اللبنانية، فقد انتظرت سنوات لتقرر التدخّل في إدارة الملف، فأوقفت اللجوء، وفرضت إجراءات مشدّدة على الحدود. سلّمت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين قاعدة معلوماتها للحكومة، وتحديداً لوزارة الشؤون الاجتماعية، وفيما تُعلن المفوضية وجود مليون و100 الف لاجئ، يتحدث الكثيرون عن أعداد أكبر. لا تعرف الدولة فعلياً من هم اللاجئون الموجودون على أرضها، وأين يوجدون، وقد أظهر الملخص التنفيذي لدراسة بعنوان «مدى إحساس اللاجئين السوريين بالأمان في لبنان»، أجراها معهد العلوم السياسية في جامعة القديس يوسف، وستصدر نهاية هذا الشهر، أنّ 70% من اللاجئين لا يملكون وثائق إقامة، فيما 79% فقط منهم مسجلون لدى المفوضية.
28% من اللاجئين لا يتمكنون من الوصول إلى الخدمات
تأخر الدولة في إدارة الأزمة أثّر كثيراً باللبنانيين واللاجئين على حدّ سواء، وقد أثبتت الدراسة أنّه مع مرور الوقت يتدنى مستوى الأمان لدى اللاجئين واللبنانيين، كذلك تسوء علاقات اللاجئين مع السلطات.
ويظهر أنّ 34% من السوريين في بيروت لا يشعرون بالأمان، وتنخفض هذه النسبة إلى 30% في الشمال، 27% في البقاع، 18% في جبل لبنان و13% في الجنوب. إذاً، عبّر اللاجئون عن مستوى أعلى من الأمان في الجنوب، في حين أنّ الموجودين في عرسال وطرابلس وبيروت سُجل لديهم أدنى مستوى من الأمان. يحدد القسم الثاني من الدراسة مدى شعور اللبنانيين بالأمان، إذ تبيّن أنّ نحو 50% من اللبنانيين في أغلب المناطق لا يشعرون بالأمان، ويتطابق توزيع هذا الشعور حسب المناطق مع توزيع شعور اللاجئين.
يؤثر حصول اللاجئين على الأوراق القانونية كثيراً بمدى شعورهم بالأمان، فـ 91% من السوريين يعتقدون أن الإقامة تؤثر بمدى شعورهم بالأمان. وحسب الدراسة، اعترف 293 لاجئاً من أصل 1200 لاجئ مستطلع بتعرّضهم/ أو عائلاتهم لحالة اعتداء، أي نسبة 25% من اللاجئين تعرضت للاعتداء، لكن 69% من هؤلاء لم يفعلوا شيئاً رداً على الاعتداء فيما أبلغ 13% فقط منهم السلطات. 86% من هذه الحالات حُمِّلَت مسؤوليتها لمعتدين لبنانيين، وقد سُجّلت أعلى نسبة من الاعتداءات في بيروت، طرابلس، عرسال، اللبوة وبعلبك. السبب الرئيسي لعدم التبليغ هو عدم امتلاك هؤلاء إقامات، ما يعرّضهم لخطر التوقيف من قبل الأجهزة الأمنية، فتتحوّل القضية من اعتداء إلى عدم امتلاك أوراق قانونية. يشكو اللاجئون أن السبب الرئيسي لعدم امتلاكهم أوراقاً قانونية هو ضرورة وجود كفيل لبناني وارتفاع تكلفة الرسوم. يؤثر انعدام الأوراق القانونية بتنقل اللاجئين، خصوصاً على حواجز القوى الأمنية، إذ صرّح 48% من الذين لا يملكون إقامات أنهم واجهوا مشاكل على الحواجز.
تُعتبر المديرية العامة للأمن العام الجهاز الأكثر سوءاً بالنسبة إلى اللاجئين، إذ تؤكد الدراسة أنّ النظرة الأكثر سلبية لدى اللاجئين هي للأمن العام، فيما أعلن نحو 75% منهم أنّ لديهم نظرة إيجابية للجيش وقوى الأمن الداخلي. وتلفت الدراسة إلى أنّ أكثر الرجال يتسجلون لدى الأمن العام، بينما النساء أكثر احتمالاً للتسجيل لدى المفوضية، علماً بأن النساء يواجهن مشاكل أقل على الحواجز مقارنة بالرجال.
وفي موضوع الوصول إلى الخدمات، تبيّن أنّ 28% من اللاجئين لا يتمكنون من الوصول إلى الخدمات مقابل 27% يتمكنون أحياناً من الوصول إلى الخدمات. وقال 37% منهم إنهم يتلقون معاملة سيئة عندما يحاولون الحصول على الخدمات.