خلصت دراسة أعدها معهد العلوم السياسية في جامعة القديس يوسف، بدعم من المفوضية العليا للامم المتحدة لشؤون اللاجئين وبتمويل من RDPP وحملت عنوان "دراسة عن مدى احساس اللاجئين السوريين بالأمان في لبنان" الى ان 70 في المئة من هؤلاء السوريين المستطلعين لا يحملون أوراقا قانونية ويعود السبب الرئيسي الى ضرورة وجود كفيل لبناني وارتفاع تكلفة الرسوم، علماً أن 87 إلى 91 في المئة يعتقدون أن الأوراق القانونية تؤثر في أمنهم. وأوردت ارقاماً تظهر أن 34 في المئة من السوريين في بيروت لا يشعرون بالأمان بينما تصبح هذه النسبة 30 في المئة في الشمال، و27 في المئة في البقاع، و18 في المئة في جبل لبنان و13 في المئة في الجنوب.
جاء في مقدمة الدراسة أن العلاقات بين اللاجئين السوريين والمجتمعات المضيفة تشهد تحولات دائمة مع استمرار الأزمة السورية، إذ ان وضع هؤلاء السوريين يصبح أكثر هشاشة، في حين تؤدي أزمة اللجوء إلى قلق متزايد لدى المجتمعات اللبنانية المضيفة. وتجول فريق من 21 طالباً من اللبنانيين والسوريين وثلاثة أساتذة في أرجاء لبنان وتوقفوا في أكثر من 120 مدينة وبلدة وقرية وفي مناطق نائية، حيث عبأوا 1800 استمارة 1200 للسوريين و600 للبنانيين، تضمنت نحو 50 سؤالاً تقريباً، واحدة خاصة بالسوريين وأخرى خاصة باللبنانيين. واختيرت العينات وفقاً لبيانات المفوضية السامية التابعة للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين استناداً الى طبيعة المسكن وعبر زيارة المنازل واختيار المستطلعين من بين أفراد المنزل عشوائياً. وشملت الاستمارة الى السوريين اسئلة محرجة مثل "الشعور تجاه اللبنانيين"، والتعرض لاي نوع من الاعتداء الجسدي أو اللفظي او الاعتقال والضرب وتقييد حرية الحركة، والتعليم والطبابة وغير ذلك من الامور الحياتية، بينما تمحورت الاسئلة الى اللبنانيين حول تأثير السوريين في الخدمات العامة والصداقات معهم، الى التشابه الثقافي والاستعداد لتوظيفهم.
393 دولاراً للسوري
وتوزعت عينات الدراسة على الشباب نسبيا وشملت 19 في المئة من أفراد تراوح أعمارهم من 18 الى 24 سنة و34 في المئة في سن بين الـ25 والـ34، و25 في المئة بين 34 سنة و44 سنة، 14 في المئة بين 45 سنة و54 سنة و8 في المئة فوق الـ55 سنة. أما في ما يتعلق بالتوزيع المناطقي فقد جاءت النسب متنوعة بحيث احتلت المناطق التالية رأس التصنيف: حمص، ادلب، دمشق، درعا وحماه. وسجلت الدراسة ان 62 في المئة يعملون لقاء أجر متوسط يبلغ393 دولاراً، وان الامن يحتل صدارة مخاوف اللاجئين السوريين، ثم الاقتصاد، والأوراق القانونية.
اعتداءات واهانات
ومن المؤشرات المعبرة حصول 293 حالة اعتداء على شخص أو عائلة من أصل 1200 مستطلع تم تحميل مسؤوليتها إلى معتدين لبنانيين، في حين سجلت نسبة الاهانات اللفظية معدل 43 في المئة، وتبين أن46 في المئة من اللاجئين السوريين قالوا أنهم واجهوا مشكلات في لبنان و69 في المئة منهم لم يقوموا بأي شيء حيال ذلك. وقال37 في المئة من السوريين أنهم واجهوا مشكلات على الحواجز مع اختلافات حسب المناطق تراوح بين 50 في المئة شمالاً و 16 في المئة في جبل لبنان و السبب الرئيسي لذلك هو عدم تجديد الأوراق القانونية. واعلن 71 في المئة من المستطلعين أن تمكنهم من عبور الحواجز هو أمر مهم لهم، وأوضح 46 في المئة أن السبب هو حاجتهم الى الوصول إلى مكان عملهم بينما رأى 9 في المئة ان عبور الحواجز ضروري للوصول إلى الخدمات. واشارت الدراسة الى أن النساء تواجهن مشكلات أقل على الحواجز مقارنة بالرجال. وتشعر النساء بأمان أكثر من الرجال في شكل طفيف: 31 في المئة للرجال في مقابل 36 في المئة للنساء مع احتمال أقل بشكل بسيط أن يمتلكن الأوراق القانونية، واعلن 37 في المئة أنهم يلقون معاملة أسوأ من الأخرين عندما يحاولون الحصول على الخدمات.
شقق ومخيمات!
وقدمت الدراسة ان 76 في المئة من السوريين في بيروت لا يشعرون بأنهم مرحب بهم، بينما تصل هذه النسبة إلى64 في المئة في الشمال، و62 في المئة في البقاع، و53 في المئة في جبل لبنان، و51 في المئة في الجنوب. وأشار 50 في المئة الى أن الوضع يصبح أكثر سوءاً الأمر الذي ينسحب أيضاً مع الوقت على العلاقة بالسلطات ودرجة الأمان. وبينت الدراسة أن أكثر من نصف السوريين يعيشون في شقق، علما أن الشعور الأعلى بالأمان هو لدى من يسكنون الشقق والأدنى بين من يسكنون المخيمات.
وفي تحليل الدراسة ان النسب تعكس حلقة مفرغة تأسر السوريين وتؤدي بهم في نهاية المطاف إلى ارتفاع شعورهم بعدم الأمان بمرور تدهور الأوضاع مع الوقت. كما أن تكلفة المعاملات الرسمية والصعاب القانونية التي تواجه اللاجئين بغية التسجيل لدى الأمن العام تؤدي إلى امتناع نسبة كبيرة منهم اي 70 في المئة عن تجديد أوراقهم ما ينعكس أيضا على العمل بدون ترخيص، علما ان 62 في المئة من المستطلعين يعملون. والواضح أن شروط العمل لا تسمح لهم بتوفير حاجاتهم ولا التوصل الى حلول لمسألة حصولهم على الأوراق القانونية مما قد يؤدي أيضا إلى فقدان تعاطف اللبنانيين الذين يشكون من أن السوريين يأخذون منهم فرص العمل.
التوصيات: تشجيع المساواة
واوصت الدراسة بتسهيل شروط منح اللاجئين السوريين الأوراق القانونية الضرورية وآلية تجديدها والغاء نظام الكفالة، وتقليص التكلفة. وطالبت بتعزيز تطبيق قانون العمل في ما خص السوريين، وتشجيع المساواة في المعاملة بين السوريين وجيرانهم اللبنانيين. وحضت على عدم السماح للبلديات بتخطي القوانين من خلال تحديدها للأجور، وعلى توسيع سوق العمل ودرس فرص العمل المتوفرة في السوق اللبناني مع مقارنة العرض والطلب، والأجور، شروط العمل والحاجات.
وحضت الدراسة على قيام البلديات بمهمات الشرطة مع تعزيز احترام حقوق الانسان وقواعد السلوك، شرط ان تحصل على الدعم والتدريب والتمويل من أجل تحسين شرطة الأحياء وتطوير التعاون مع المجتمع المدني والجالية السورية. وفي الوقت نفسه عدم السماح للبلديات بفرض حظر للتجول انتقائي أو اتخاذ تدابير أمنية تخالف حقوق الانسان. ودعت الى استحداث آلية شفافة لتقديم الشكاوى مما يسمح بمتابعة الأمور، والقيام بمشاريع على مستوى المجتمعات المحلية، الى تشجيع العمل المشترك بين اللبنانيين والسوريين حول مشاريع تتعلق باللاجئين للحد من التحيز لدى الطرفين ويزيد الثقة بينهما مما يؤدي إلى الحصول على نتائج أفضل.