ظهر دراسة أعدّها معهد العلوم السياسية في جامعة «القديس يوسف»، وجود نسب متفاوتة بين النازحين السوريين، في شأن شعورهم بـ «عدم الأمان»، وذلك وفق توزّع المناطق: 34 في المئة من النازحين في بيروت يشعرون بعدم الأمان. 30 في المئة في الشمال. 27 في المئة في البقاع. 18 في المئة في جبل لبنان. 13 في المئة في الجنوب.
وفيما تسجّل نسبة الأمان الأعلى في الجنوب، تنخفض في طرابلس وعرسال ثم بيروت. وتواجه نسبة 46 في المئة من النازحين السوريين مشاكل في لبنان، لكن أكثر من نصفهم (69 في المئة) «لم يقوموا بأي شيء حيال ذلك». وتمّ تسجيل 293 حالة اعتداء على شخص أو عائلة، ضمن عيّنة شملت 1200 شخص، وتلوم نسبة 86 في المئة من هذه الحالات مواطنين لبنانيين. أما مناطق بيروت، طرابلس، عرسال، اللبوة، وبعلبك، فشهدت النسبة الأعلى من الاعتداءات.
تشعر نسبة 76 في المئة من النازحين السوريين في بيروت بأنها «غير مرحَّب بنا»، مقابل 64 في المئة في الشمال، و62 في المئة في البقاع، و53 في المئة في جبل لبنان، و51 في المئة في الجنوب. وتعتبر نسبة خمسين في المئة من المشاركين في العينة، أن الأوضاع تزداد سوءاً، فيما تشعر النساء بـ «أمان أكثر» (بشكل طفيف) من الرجال، وتواجه مشاكل أقلّ على الحواجز، مقارنة بالرجال.
في المقابل، ينسج الرجال أصدقاء وعلاقات أكثر مع اللبنانيين، ويزداد الشعور بالأمان عند الأشخاص الذين يسكنون في شقق أكثر من الذين يقيمون في المخيمات. ولم تتمكّن نسبة 28 في المئة من الوصول إلى الخدمات العامة، بينما تمكّنت نسبة 27 في المئة من الوصول إليها في بعض الأحيان، ويتلقى الأمن العام «النظرة الأكثر سلبية»، بينما تنظر نسبة 75 في المئة بـ «إيجابية» إلى الجيش والشرطة.
هواجس
أشرف على الدراسة مديرة «معهد العلوم السياسية» الدكتورة كارول الشرباتي والأستاذ جهاد نمور بمشاركة 21 طالباً (15 طالباً لبنانياً، وستة طلاب سوريين)، بالتعاون مع «المفوضية العيا لشؤون اللاجئين»، وتمّ الإعلان عن نتائجها يوم أمس. الدراسة شملت ستمئة استمارة في المجتمع اللبناني، و1200 استمارة عند السوريين في 120 قرية وبلدة لبنانية، تعمل نسبة 62 في المئة منهم مقابل راتب وسطي قدره 393 دولاراً. يلحظ القيمون على الدراسة أن عدم امتلاك الأوراق القانونية، ووجود صعوبة في الحصول على الخدمات، يؤثران على شعور النازحين السوريين بالأمان وفقدانه. وتكمن أهم الهواجس والمخاوف التي تقلق النازحين في الأمن، بالدرجة الأولى، ثم الاقتصاد فالأوراق القانونية، الاغتراب، والسكن.
في المقابل، تظهر الدراسة أن نسبة خمسين في المئة من اللبنانيين لا تشعر بالأمان، وأبلغت نسبة 13 في المئة عن وقوع اعتداءات، فيما قال كثيرون إنهم «سمعوا قصصاً عن ذلك»، ما يدل على أن نسبة شعور عدم الأمان عند اللبنانيين تفوق النسبة الموجودة لدى السوريين.
توصي الدراسة بـ «ضرورة تسهيل شروط منح النازحين السوريين الأوراق القانونية، وإلغاء نظام الكفالة وتخفيض الكلفة، تعزيز تطبيق قانون العمل، دراسة سوق العمل، وتدريب البلديات واستحداث آلية شفافة لتقديم شكاوى السوريين، وتشجيع التعاون المشترك بين اللبنانيين والسوريين».
الدراسة أظهرت أرقاماً وإحصاءات في شأن الأمان لدى النازحين السوريين، إلا أنها لم تتعمق في طبيعة العلاقات اللبنانية السورية والتفاعل بين النازحين والمضيفين، ولم تحلل مكامن الخوف والأمان والتحولات الاجتماعية والثقافية الطارئة، وآليات مواجهة الواقع بعيداً عن الأرقام والمعدلات. النسخة الأخيرة من الدراسة ستصدر لاحقاً، علّها تجيب على التساؤلات المطروحة.