حاضر الأستاذ في «الكوليج دو فرانس«، هنري لورانس، في جامعة القديس يوسف عن تطور «مفهوم سوريا منذ القرن التاسع عشر حتى الحقبة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية»، وذلك في معهد العلوم السياسية وبالتعاون مع قسم التاريخ.
ويعيد لورانس رسم مسار سوريا السياسي وكيف شهد تقلبات في سياقات متعددة لا سيما على الصعيدين المحلي والدولي، مع عدم إغفال العوامل السياسية والاقتصادية التي كان لها تأثير مهم في هذا المجال.
وقد استند على مجموعة من الخرائط كي يؤكد بأن كلمات مثل «سوريا» و»سوريين» هي تسميات كانت غريبة بالنسبة للشعوب التي تطلق عليها. فقد دخلت هذه المصطلحات بوقت متأخر على اللغة العربية ولم يتم اعتمادها رسمياً إلا بعد الإصلاح الإداري الذي شهدته الولايات العثمانية سنة 1864. فحدود ما عرف بسوريا سنة 1865 تختلف عن الحدود التي نعرفها اليوم. إذ إنها لم تكن تشمل منطقة حلب أو حوض نهر الفرات. وسرعان ما ستتغير هذه الحدود مرة جديدة مع فصل المنطقة الساحلية على مرحلتين الأولى سنة 1872 والثانية سنة 1888. وحتى بعد تحديد النطاق الجغرافي لسوريا، فقد اقترح بعض الفرنسيين مفهوم «سوريا العملي» بغية إلحاق مناطق تأتي بالنفع من الناحية الاقتصادية رغم عدم تناسقها الجغرافي.
ويشير لورانس الى أن فكرة سوريا هي مفهوم فرنسي النشأة ظهر في القرن التاسع عشر أيام حكم نابوليون الثالث الذي دعم فكرة قيام مملكة سورية عربية. فما كان من الصدر الأعظم فؤاد باشا، بغية منع هذا الأمر، إلا إنشاء ولاية سوريا ضمن حدود السلطنة. وليس من الصدف أن تكون باريس المكان الذي جرى فيه تأسيس اللجنة السورية المركزية التي تدافع عن استقلال سوريا الذاتي.
واعتبر أن ظهور تنظيم «داعش« أدى إلى إعادة البحث في أمور جدالية تتعلق بسوريا وأصل هذه التسمية وحدودها لا بل حتى إلى طرح مسألة شرعيتها ككيان سياسي.