اللاجئون السوريون: أقضية انسانية أو سياسية؟

Article paru dans le journal Al Safir - 11/3/2015
11 Mars 2015

نظم معهد العلوم السياسية في جامعة القديس يوسف نهار الاثنين في 9 اذار 5102 ندوة بعنوان "هل قضية للاجئين السوريين مسألة انسانية أو سياسيية؟". وقد شارك في الندوة كل من "داون شاتي" الباحثة في مركز أوكسفورد لشؤون اللاجئين، والاستاذة سوزان أكرم الباحثة في جامعة بوستون، الدكتور جورج قرم من معهد العلوم السياسية في جامعة القديس يوسف، جوناثان ماك أيفور من مجموعة سيرن إضافة إلى مستشار وزير الداخلية الأستاذ خليل جبارة. وقد استهلت الدكتورة كارول شرباتي مديرة معهد العلوم السياسية الندوة بكلمة أشارت فيها أن قضية اللاجئين هي أخطر مسألة يواجهها لبنان منذ نهاية الحرب الأهلية. وقد ركزت على "ضرورة قيام جهد مشترك بين الباحثين وأصحاب القرار حول هذه المسألة" آملة "أن تتمكن جامعة القديس يوسف من لعب دور الوسيط بين هذه الجهات". أفتتحت البروفسورة أكرم الندوة من خلال عرضها لبحث من إعداد مركز أبحاث حقوق الانسان الدولي التابع لجامعة بوسطن. وقد قارنت القوانين والسياسات العامة المتعلقة باللاجئين المتبعة على الصعيدين لمحلي والاقليمي في أربع دول مضيفة هي مصر، تركيا، لبنان والأردن، مشيرة إلى الثغرات في أنظمة هذه الدول مع تقييم للآليات الأساسية التي تحتاج إلى دول من خارج المنطقة كي تمنح صفة اللجوء الانساني للاجئين المتواجدين على أراضيها. ففي مصر يواجه النزوح السوري مصاعب مهمة لا سيما وانه يأتي في أعقاب موجات نزوح أخرى. وأوضاع النازحين في المخيمات الأردنية باتت تطرح مشكلة شائكة كون هؤلاء يترددون في تسجيل أسمائهم إضافة إلى عدم قدرتهم على العمل...وما زاد من تفاقم الأمور هو السياسة المتعبة من قبل الحكومة الأردنية القائمة على شعار "لا لفسلطيني واحد جديد في الأردن" ما أدى إلى إعادة الفلسطينيين إلى سوريا. وتطرقت أكرم إلى الحالة اللبنانية ملاحظة أن وضع هذا الأخير شبيه بوضع الأردن لجهة غياب الأطر القانونية التي ترعى شؤون اللجوء علاوة على عدم التفريق بين وضعية اللاجئين وأشكال أخرى من المهاجرين والنازحين. وأثارت أيضا مسألة المخيمات غير الرسمية التي ظهرت ضمن أراض خاصة في المناطق الريفية. ويشكل في لبنان عدم تسجيل اللاجئين المتواجدين في المدن سببا في عدم القدرة على توفير الخدمات الضرورية. ويطرح واقع عدم منح صفة لاجئ مسألة عدم امكانية الحصول على إذن عمل علاوة على الحجز التعسفي الذي يعاني منه بعض اللاجئين أو حتى بعض المعلومات التي تشير إلى ترحيلهم القسري. أما تركيا فقد عالجت أكرم سياسة الحكومة التركية القائمة على منح القادمين من سوريا "حماية مؤقتة" تشمل الضروريات بما في ذلك فرص العمل. لكنها أشارت إلى مشكلة في طريقة معالجة قضية اللاجئين في الغرب. فقد تقدم فقط 51111 سوري بطلب اللجوء إلى أوروبا حتى تاريخ اليوم، وقلة تم الموافقة على طلبها. أما في كندا والولايات المتحدة معا لم تتجاوز طلبات اللجوء المئات وليس من المحتمل أن يتغير الوضع في ظل السياسات المتبعة. قالت الأستاذة شاتي من أوكسفورد أن مسألة اللاجئين هي قضية سياسة وانسانية في آن. وقد عقبت من خلال شرحها بأن العمل الانساني لا يحصل في الفراغ بل في ظل وضع سياسي على الصعيدين الوطني والدولي. وتطرقت إلى نظام جديد يعترف بمرونة اللاجئين وقدرتهم على التأقلم. فتركيا مثلا أقرت بالنظام الجديد حول مرونة اللاجئين الذين استقروا من تلقاء نفسهم. فالمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تقوم فقط بالمراقبة والارشاد والمساعدات الدولية محدودة جدا. وقارنت شاتي الحالة في الأردن الذي يعتمد كليا على المساعدات الانسانية الدولية ويرفض نظام مرونة اللاجئين الذين استقروا من تلقاء نفسهم.فالأردن، بعد مرحلة من الشلل أصر على انشاء مخيمات للنازحين في المناطق القاحلة قرب الحدود السورية. وهكذا يستطيع الاردن المطالبة بمساعدات دولية اضافية رغم ان هذه المساعدات لا تصل دائما الى من يحتاجها. شارك جونثان ماك ايفر من مجوعة سيرن خبرته من خلال عمله في مخيم الزعتري في الأردن حيث تم انشاء مركز شرطة وسط المخيم. وتحدث عن مفهوم واسع للشرطة بحيث يشمل ليس فقط الأمن الشخصي بل أيضا التخفيف من حدة النزاعات. فقد تبين له أن وضع السوريين في المخيمات أفضل حالا من المدن. وقد عرض لبحث قامت به مجموعة سيرن خلص لنتائج مهمة: فقد تبين أن زيادة عدد النازحين السوريين لم يؤدي إلى ارتفاع في معدلات الجريمة في لبنان علما ان اعتقال السوريين هو أكثر احتمالا من اعتقال اللبنانيين. وقد توصل البحث أيضا الى نتيجة تفيد بوجود رأي مشترك يعتبر أن مناطق من لبنان يغيب عنها المجتمع الدولي والدولة اللبنانية ولا يعلمان حقيقة وضع النازحين فيها. لذلك كان من الضروري وضع استراتيجية لأن عدم وجود أطر مؤسساتية يدفع بالدولة المضيفة الى التمييز ضد اللاجئين. وفي النهاية قال مستشار وزير الداخلية خليل جبارة أن الكثافة السكانية ارتفعت في لبنان بنسبة 01 % وأن النظام اللبناني اتبع سياسة النأي بالنفس رغم انه يحاول اليوم تنظيم الأمور من جديد وذلك عبر وضع خطة لمعالجة قضية اللاجئين. فهناك أفكار حول انشاء مخيمات صغيرة علما ان معظم النازحين يتواجدون في المناطق الفقيرة. وأضاف أن الحكومة اللبنانية تعلم فقط بوجود مليون ونصف لاجئ سوري عبروا الحدود بشكل قانوني لكنها لا تملك معطيات حول النزوح الغير شرعي الذي اذا ما أخذ بالحسبان سيرفع العدد إلى مليون وثمان مئة الف لاجئ. وقدم جبارة شرحا للاجراءات الجديدة المتبعة على الحدود والتي اتخذتها الحكومة من أجل الحد من النزوح السوري. أشار مدير الندوة الدكتور جورج قرم إلى مشكلة تتعلق بحجم الاقتصاد اللبناني وعدم توفر مساعدات خارجية. وقد ختم الندوة مشيدا بجهود السكان المحليين لمعالجة هذه المسألة والذين غالبا ما يكونون من الشريحة الفقيرة للمجتمع اللبناني.