خريجو اليسوعيّة كرّموا الحلبي بحضور وزير الإعلام

دكّاش: الحلبي نموذج للقيادة الحكيمة
الأربعاء 12 آذار 2025
السابعة مساء
Campus Charles Corm

كرّمت رابطة خريجي كليّة الحقوق والعلوم السياسيّة في جامعة القدّيس يوسف في بيروت، الوزير السابق القاضي عباس الحلبي، لمناسبة انتهاء مهامه في وزارة التربية والتعليم العالي، باحتفال في حرم شارل قرم الجامعي في الأشرفية.
حضر الحفل وزير الإعلام الدكتور بول مرقص، الوزير السابق الدكتور جورج كلاّس ممثلا ًالرئيس نجيب ميقاتي، رئيس الجامعة البروفسور سليم دكّاش اليسوعيّ، نقيب المحامين في بيروت فادي المصري، وحشد من القضاة والمحامين والعمداء والأساتذة وأصدقاء، وعدد من الخرّيجات والخرّيجين.

 

طربيه
استهل اللقاء بالنشيد الوطني، فكلمة ممثّل رابطة الخرّيجين المحامي كريم طربيه، استذكر فيها قولاً للمفكر اللبناني ميشال شيحا (1891- 1954) "في مقدمته للسياسة اللبنانية، حيث سلّط الضوء على أصالة لبنان، الذي يعدّ موقعه الجغرافي من أهم المواقع وأكثرها تعرضًا. لقد كتب بالفعل عام 1936 "أننا نجد في لبنان مدارس كثيرة كما نجد في الدول الأكثر تقدمًا، والتدريس والعلوم بكل درجاتها ولكن أيضًا الجهل بكل درجاته".
ولفت الى انه "وبعد مرور ما يقرب من تسعين عامًا، لا تزال هذه الكلمات ذات صلة في لبنان حيث الفوضى ليست في الأشياء بل في الناس". ورأى طربيه ان "التعليم هو حجر الزاوية في مجتمعنا، وهو أيضًا مفتاح نهضته، وسرعان ما فهم عباس الحلبي هذه المعادلة الرياضية وجعلها خاصة به قبل تعيينه وزيرًا للتربية والتعليم العالي، بصفته رئيسًا لخرّيجي كليّة الحقوق، قام بحشدهم لصالح المنح الجامعية إلى حدّ زيادة التزامهم بالانتماء إلى هذه المؤسّسة الأقدم في القرن. ولذلك فالناشط الذي يحمل التعليم في روحه يسبق الوزير". وأضاف: "إن دخوله إلى الحكومة العام ٢٠٢١ لم يكن عباس الحلبي يريده تتويجًا، بل تجديدًا للكهنوت في خدمة الإنسان، وذلك امتدادًا لدعوته الأساسية. وسرعان ما تمّ اختبار هذه الرغبة من قبل دولة متحلّلة ومجتمع ممزّق وخزانة عامة مفلسة، ومؤسّسات في تدهور، ومدارس رسمية دمرت بسبب انفجار المرفأ، وسرقة مدخرات المعلمين وأولياء الأمور وضحايا عصابات التضخم".
تابع طربيه:" باختصار، واجه التعليم تحديًا من خلال: الفوضى.  كثيرًا ما يقال إننا لا نعلّم شيئًا إذا لم نعلّم الأمل، وهذا هو التعليم الذي بشر به عباس حلبي للشباب اللبناني المنهك ليحلموا برغباتهم.
لقد حمل هذه الرسالة بصفته المزدوجة: كوزير ورئيس لخريجي كليّة الحقوق وبوضع هذا الحد الأخير، جمعنا في هوفلان أو في مكتبه بالوزارة عند حلول الظلام بقائمة وحيدة تتمثل في تمويل المنح الجامعية.  وعندما يكون الحصاد جيدًا، كان يأخذه إلى لينا غناجي ثم إلى ماري كلود نجم، واعدًا بتمويل أفضل للعام التالي".
أضاف: "'في هذا البلد الذي هجرته السعادة واستسلم لصانعي الأحوال السيئة، تحولت الريح إلى عاصفة بحرب لم يرغب فيها أحد، وطعمت على مصائب لم تكاد تندمل. وبذريعة فرقعة الأسلحة، ارتفعت الأصوات المطالبة بإلغاء الرمز الأساسي للتعليم، البكالوريا، واستبداله بورقة. صحيح أنه إذا ازدهرت الصحاري فذلك لأن كل شيء في أيدينا ولا شيء يمكن أن يوقف الحياة.  ولهذا رفض عباس الحلبي الاستسلام لأشد الضغوط، وحافظ على شهادة البكالوريا، وبذلك أثبت ان نيلسون مانديلا على حق عندما قال "إن التعليم هو أقوى سلاح يمكن استخدامه لتغيير العالم".
وختم طربيه: "وفي هذا البحر الهائج، استمر عباس الحلبي في السير حتى أشرقت شمس جديدة على لبنان، وأضاءت بأشعتها الطريق الذي سيسلكه اللبنانيون لينالوا ثمار تضحياتهم".

 

المكاري
ثم كانت كلمة رئيس اتحاد جمعيات خريجي جامعة القدّيس يوسف الدكتور كريستيان المكاري، أثنى فيها على المكرم وعلى جميع الخريجات والخريجين "الذين يعملون بكل إخلاص وتفان في خدمة مجتمعهم ووطنهم"، مشددًا على "أهمية الدور الذي قام به الوزير الحلبي في خدمة لبنان والقطاع التربوي وخريجي الجامعة وأنه كان خير قدوة وممثل للجامعة".

 

دكّاش
وألقى البروفسور سليم دكّاش اليسوعيّ كلمة، قال فيها: "يطيب لي اليوم، وأنا أقف في حرم شارل قرم الجامعي بين نخبة من أصحاب المعالي والأساتذة وطيب وجوه جامعتنا الحبيبة وجوق واسع من خريجي كليّة الحقوق والجامعة اليسوعية، أن أتوجه إليكم وقد خرجتم الجبين عاليا من الوزارة، بكلمات التقدير والاحترام والحب، إلى رجل أفنى سنوات في خدمة التربية العلم والمعرفة، إلى إنسان يوازن ويحسب، ألا أنه لا يحابي ولا يخاف. وإلى صاحب وزارة أكثر من سيادية تعلم النشء الجديد والشباب والأساتذة العزّة والكفايات والسيادة، إنه عزيز خاض غمار هذه التجربة بصدق وحرفية، إنه الأستاذ عباس الحلبي الذي نحتفي اليوم بانتهاء فترة عمله كوزير للتربية والتعليم العالي، ليس مجرد اسم لامع في سجلات الوزارات أو المؤسسات الأكاديمية، بل هو رمز للعطاء والتفاني. لقد حملتم على عاتقكم مسؤولية وزارة التربية والتعليم العالي بإخلاص نادر، وعملتم بجد لتطوير منظومتنا التعليمية، ساعين إلى تعزيز مكانة لبنان كمركز للعلم والثقافة".

أضاف: "لقد كان الأستاذ الحلبي نموذجًا للقيادة الحكيمة، حيث واجه التحديات من قلة الموارد والتركة الثقيلة بصبر وحكمة ووضع الخطط الاستراتيجية التي تسهم في بناء مستقبل أفضل لأبنائنا وبناتنا. جهوده في دعم البحث العلمي وتطوير المناهج التعليمية وتعزيز التعاون بين المؤسّسات التربوية كانت خطوات راسخة نحو تحقيق رؤيته التربوية الشاملة. ولا ننسى دوركم الكبير في تعزيز الحوار بين مختلف مكونات المجتمع اللبناني، خصوصًا في أيام المحنة والتهجير، حيث كنتم وستكونون دائمًا صوتًا للوحدة والانفتاح، مؤمنًا بأن التعليم هو الجسر الذي يحدّ من الهمجية والذي يعبر بنا نحو غد أفضل من المواطنية والعيش الواحد والمشترك ومن الكفايات العلمية المتميزة محليًا وعربيًا ودوليًا".

وتابع: "لقد كنت معالي الوزير خير داعم لجامعات لبنان، الجامعة اللبنانية، وبما فيها الجامعة اليسوعية، حيث عملتم على تعزيز التعاون بين الوزارة والمؤسسات الأكاديمية عبر رابطة جامعات لبنان، ودعم مشاريع البحث العلمي وتوفير المنح الدراسية للطلاب المتفوقين. كما كان لكم الدور الكبير في استمرار دعم وإدارة رابطة خريجي الحقوق، حيث آمنتم وتؤمنون بأهمية تواصل الخريجين مع جامعتهم ودعمها ودورهم في دعم مسيرة التعليم وتطويرها".

وعدد دكّاش إنجازات الحلبي خلال فترة عمله كوزير للتربية والتعليم العالي، وأبرزها: "إصلاح المناهج التعليمية، حيث عملتم على تحديث المناهج لتواكب التطورات العالمية مع الحفاظ على الهوية الثقافية اللبنانية. تعيين مدير بالتكليف للتعليم العالي لمتابعة الإشكاليات العديدة التي كان التعليم العالي يتخبط فيها والمظالم التي كانت تواجه كبرى الجامعات ونجحتم في تذليل العديد منها وهذا يشكر لكم وهو إنجاز الإنجازات بحد ذاته مهما بلغ حقد بعض المستكتبين ولم تتوانوا عن تأديب المخالفين من العصاة. تعزيز التعاون الدولي، حيث عملتم على إبرام اتفاقيات تعاون مع المؤسسات العالمية مما فتح آفاقا جديدة للطلاّب اللبنانيين ودعم سياسات الوزارة. تحسين البنية التحتية، حيث تمّ تجديد العديد من المدارس الرسمية وتوفير البيئة المناسبة للتعلّم".

وتابع يقول: "اليوم، ونحن نحتفي بانتهاء فترة عملكم كوزير للتربية والتعليم العالي، نود أن نقول لكم، لقد كنت من جامعتنا خير سفير للعلم وخير ممثل لقيمنا التربوية والإنسانية. لقد تركت إرثًا وفيرًا سيظل حاضرًا في قلوبنا وعقولنا. أستاذنا العزيز عباس الحلبي، باسم الجامعة اليسوعية، وباسم كل من تعلًم منك أو استفاد من جهودك، نقدم لك أصدق عبارات التقدير والاحترام. لقد كنت مثالاً يحتذى به، ونحن على ثقة بأن مسيرتك ستستمر في العطاء والإنجاز، سواء في المجال الأكاديمي أو في أي موقع آخر تختاره، أو نساعدك في اختياره لما فيه الخير الأشمل، فشكرًا لك معاليك لكل ما قدمت، وشكرًا لك على إيمانك بقوة التعليم وقدرته على تغيير المجتمعات. نتمنى لكم دوام الصحة والسعادة، ونأمل أن تظل دائمًا مصدر إلهام لنا جميعا".

 

الحلبي
ثم كانت كلمة المكرم القاضي عباس الحلبي، قال فيها: "جئتم اليوم كوكبة من أهل العلم والمعرفة تبادرونني بالشكر والإنصاف، وليس عندي في المطلق ما هو أولى وأسمى من الإنصاف في سلم المعاني الإنسانية الكبرى.
أنا، من جهتي، أتوجه إليكم فردًا فردًا بالامتنان العميق لأنكم تحليتم بقدر كبير من الموضوعية في النظر إلى ما قمت به في وزارة التربية والتعليم العالي حينما كنت في سدّة المسؤولية، والموضوعية في هذه الأيام مأثرة بل قمّة في الشجاعة تشكرون عليها".
أضاف: "لا شك في أن خوض معترك السياسة في لبنان مغامرة محفوفة بالأزمات والمشقّات على أنواعها - هذا لمن يريد أن يعمل للخير العام صادقّا - ولا شكّ في أن الجميع يدرك تمامًا حجم التحديات التي مرّت بها البلاد ووزارة التربية على وجه التحديد، غير أن العزم كان عندي موجودًا دائمًا، وإن كانت العزائم في معظم الأحيان لا تكفي نظرًا لتعقيدات عديدة ليست حلولها بمتناول اليد".
تابع: "وسط بحر هائج، حاولت إيصال السفينة إلى بر الأمان وبأقل الأضرار المحدقة، ولست أراني ملزمًا بتعداد المهالك التي تهدّدت مسيرة الوزارة من شح الميزانية وكثرة المتطلبات على كل صعيد، إلى أزمة النزوح السوري وانعكاساته على المؤسّسات التربوية، إلى مآسي الحرب على لبنان وما خلفته من شلل في المدارس والجامعات وأضرار بالمباني إلى آخر السلسلة السوداء من المعوقات التي تعرفونها جيدًا".
وأردف: "لن أسترسل في تعداد ما تحقّق بتوجيه مني وإشراف ومتابعة. حسبي إقرار وإطلاق ورشة تجديد المناهج من الروضات إلى الصفوف الثانوية، لتحاكي متغيرات العصر، وتنمي القيم الأخلاقية والإيمانية والوطنية عند أولادنا لينهضوا بالوطن. يكفيني فخرًا أنني سلّمت خليفتي وزارة متكاملة ناشطة وقطاعًا تربويًا يعمل بشكل طبيعي وجامعة لبنانية تتبوأ المراكز المتقدمة".
وأعرب الحلبي عن سعادته" بهذا التكريم، تمامًا كما سعدت بالأمس في تكريم الجامعة اللبنانية وقبله اتحادات المدارس الخاصة، لأنه في الحقيقة تكريم للقيمة في نفسها بغض النظر عن شخص صاحبها. عندما يبتعد التكريم في بلادنا عن "الشخصانية" فهذا مؤشر على دخولنا عصرًا جديدًا تتحول فيه السياسة من تمجيد الأشخاص إلى إكبار الإنجازات والقيم التي تقف وراءها. وأن يكرّم وزير قد غادر الوزارة، هو وسام على صدري، وهو قمة الوفاء".
ولفت إلى انه حاول أن يجعل" التربية في يومها أفضل قليلاً مما كانت عليه في أمسها، وفقت حينا ولم أوفق حينا آخر، ولن أتوانى عن تقديم كل المستطاع - ولو خارج المسؤولية الرسمية - في سبيل بناء الإنسان اللبناني لصناعة الغد المشرق، لأنه إذا كان للبنان من مستقبل واعد فهو في التربية والتعليم".
وختم  الحلبي:" لا يسعني في ختام هذه الكلمة سوى أن أذكر بالخير كل من تعاون معي في عملي الوزاري من دون استثناء، ولن أعدد الأسماء لطول لائحة المتعاونين من موظفين ومعلمين ولجان أهل وإدارات الجامعات والمدارس. هؤلاء جميعًا لهم حصة في ما يمكن أن نسميه حلولاً لمشكلات كانت تعترضنا أو نجاحات في تدابير اتخذناها؛ فلهم مني جميعًا ألف تحية. كما لا يسعني إلاّ أن أوجه تحية خاصة إلى من وقف إلى جانب التربية وبفضله استمرت الدولة وإداراتها دولة الرئيس نجيب ميقاتي".