احتفلت جامعة القدّيس يوسف في بيروت، يوم الأربعاء 10 تموز 2024، بتخريج طلاّب معهد الهندسة العالي في بيروت (ESIB)، والمعهد العالي للهندسة المعمارية في بيروت (ESAR)، والمعهد الوطني للاتّصالات والمعلوماتية (INCI)، ومعهد هندسة الزراعة والصناعات الغذائية (ESIA)، ومعهد الهندسة الزراعية العالي لدول البحر المتوسط (ESIAM). أقيم الاحتفال تحت شعار "على الطريق نحو الـ 150 عامًا... أنتم حرّاس تراثنا وبناة مستقبلنا".
بدء الحفل بكلمة رئيس جامعة القدّيس يوسف في بيروت البروفسور سليم دكّاش اليسوعيّ، وقد ألقى خطابًا مؤثّرًا عبّر فيه عن سعادته وفخره بالترحيب بالبروفسورة هالة يونس والمهندس سمعان سمعان. وأثنى على التزام ضيفي الشرف وحبهما للبنان، قبل أن يخاطب الخرّيجين مباشرة، مذكّرًا بالتحدّيات التي تغلّب عليها الطلاّب، بما في ذلك الجائحة كوفيد -19، والأزمة الاقتصادية والانفجار في مرفأ بيروت. وشدّد على أهمية المثابرة والتصميم، وشجّع الخرّيجين على السعي وراء مثلهم العليا بشجاعة وجرأة. كما شدّد على أهمية التعليم اليسوعيّ الذي يكوّن أفرادًا واعين لمسؤولياتهم الاجتماعية.
ونصح المتخرجين قائلاً: "كونوا ممتنين لأولئك الذين ساهموا في تعليمكم، ولا تنسَوا أبدًا أهمية ردّ الجميل للمجتمع الذي دعمكم". كما سلّط الضوء على أهمية شبكات الخرّيجين وشجّعهم على "الحفاظ على روابط قوية مع زملائهم ومع جامعتهم الأمّ".
"من السنة 149 لتأسيس جامعتكم الأم"، قال رئيس الجامعة: "أنتم تفتحون الباب على مصراعيه للسنة الـ 150 لتأسيس جامعتكم الأم. أنا لا أقول إننا سنحتفل في هذه الأوقات الحزينة والصعبة، بل أقول فقط إننا سنتذكر 150 عامًا من تأسيس الجامعة مع الأصدقاء والخرّيجين ومجتمعنا بأكمله. لن نفسد هذه الذكرى، وهذا اليوبيل بالطريقة نفسها التي أفسدت بها مئوية لبنان الكبير. لقد حلمنا بلبنان الكبير وحقّقناه وسيبقى دائمًا لبنان الكبير الذي نريده والذي نحقّقه كلّ يوم والذي نحبّه".
ثم تحدّثت البروفسورة هالة يونس، وهي مهندسة معمارية وجغرافية تخرّجت من المدرسة الوطنية العليا للهندسة المعمارية في باريس-فال دو سين في العام 1993 ومن معهد باريس الرابع للجغرافيا في السوربون في العام 1997. ويونس تهتم في ممارستها المهنيّة وفي تدريسها بتعقيدات المناطق وتاريخها من أجل البدء في مشاريع التصميم. ويشهد على ذلك عمل مؤسّستها "أتيلييه للهندسة المعمارية" التي تأسّست في لبنان العام 1995. وفي العام 2019، حصلت على جائزة الشرق الأوسط للعمارة عن مشروع سكني في قريتها الصغيرة شاتين، لبنان.
بين الأعوام 2001 و2009، درّست يونس في كليّة الهندسة المعماريّة في باريس (École d'architecture de la ville & des territoires Paris-Est)، ثم في عدة جامعات في لبنان. وبالإضافة إلى تدريسها وممارستها المهنية، تلتزم هالة يونس بإنتاج ونشر أدوات لزيادة المعرفة والوعي بالواقع العمراني الجديد. وقد أطلقت في العام 2018 أول جناح وطني لبناني في بينالي البندقية للعمارة من خلال "المكان الذي يبقى"، وهو استكشاف للأراضي غير المبنية. وفي العام 2020، حصلت على وسام برتبة فارس للفنون والآداب من وزارة الثقافة الفرنسية.
وأعربت في كلمتها عن امتنانها لدعوتها للتحدث في هذا الحفل، كما هنأت الخرّيجين على نجاحهم وأكدّت على أهمية تدريس الهندسة المعماريّة في جامعة القدّيس يوسف. وشدّدت يونس على الحاجة إلى استجابات شاملة وأدوات متعدّدة التخصّصات للتعامل مع التحدّيات البيئيّة الكبرى التي تعصف بعصرنا. كما تحدّثت أيضًا عن تأثير الذكاء الاصطناعي على السنوات الأخيرة من دراسة الخرّيجين والحاجة إلى إعادة ابتكار الجامعة للتكيّف مع هذه التغيّرات.
وشجعت يونس الخرّيجين على العمل لتنمية الإبداع والتفكير النقدي والقيم الإنسانية، قائلةً: "هذه هي الأسلحة التي يتشاركها المعماريون والمهندسون". أصرّت يونس على أهمية تنفيذ المشاريع بالطريقة نفسها التي يدخل بها المرء في محادثة، أي مع الاهتمام بالموقع والنظر إلى المنطقة على المدى البعيد. كما شجعت الخرّيجين على ابتكار عالم الغد من خلال العمل يدًا بيد، والتركيز على جودة المساحات التي يتم إنشاؤها حول مشاريعهم.
وأخيرًا، ذكّرت هالة يونس الخرّيجين بأهمية ألا ينسوا أبدًا رحلة العودة إلى وطنهم. واختتمت بالتأكيد على أن مهمتهم هي الاهتمام بهذه الأرض وخلق عالم أكثر عدلاً وإنصافًا.
وضيف الشرف أيضًا سمعان سمعان المهندس المدني الذي تخرّج من معهد الهندسة العالي في بيروت (ESIB) وبدأ مسيرته المهنية الاستثنائية في أفريقيا مع المهندس الشهير ريمون نجار، قبل أن يتابع مساره المهني في قطر ويؤسّس شركاته الخاصة، فقد شارك الحضور خبرته التي تزيد عن 50 عامًا في مجال الهندسة. وشدّد على أهمية العمل الجاد والمثابرة للنجاح في الحياة، قائلاً: "إن الشهادة العلمية وحدها لا تضمن مستقبلاً مزدهرًا". وشجّع سمعان الخرّيجين على الاستفادة القصوى من مواهبهم ومهاراتهم، وأن يأخذوا الأمور خطوة بخطوة وأن يطلبوا المشورة ممن هم أكثر خبرة.
كما شدّد على أهمية احترام قوانين البلد المضيف وتقاليده من أجل ضمان الاندماج الناجح والعلاقات الإيجابية مع المواطنين والمسؤولين. وذكّر سمعان الخرّيجين بالرجوع إلى منبعهم وهو جامعة القدّيس يوسف في بيروت، لينهلوا منها الثقة والكفاءة، وأن يبقوا حاضرين لدعم جامعتهم الأمّ. أخيرًا، شجّع سمعان الخرّيجين على أن يجدوا تفردهم من أجل التميّز في عالم تنافسي دائم التغيّر. وختم بتأكيده على أن التكوين العلميّ المتين الذي تلقوه في الجامعة سيمكنهم من النجاح في حياتهم المهنية والمساهمة الإيجابية في المجتمع.
وبعد منح ميدالية الذكرى الـ150 لجامعة القدّيس يوسف إلى كلّ من يونس وسمعان، تحدّث فراس خليفة، الطالب المتفوّق في المعهد الوطني في الاتّصالات والمعلوماتية، عن تأثره الكبير بالتحدّث باسم الخرّيجين. كما أكّد على التحدّيات الأكاديمية والشخصية التي تغلّب عليها وهو وزملاؤه الطلاّب، لا سيّما في سياق الأزمة الاقتصادية وعدم الاستقرار في لبنان. وعلى الرغم من هذه العقبات، إلا أنهم مستعدون لمواجهة عالم دائم التغيّر، يتميّز بالتقدّم التكنولوجي مثل الذكاء الاصطناعي.
واستذكر اللحظات التي تشاركوها خلال سنوات دراستهم الجامعية، مؤكّدًا على روابط الصداقة والدعم المتبادل التي تشكّلت بينهم. وأعرب خليفه عن امتنانه للمعلمين على تفانيهم وصبرهم، وكذلك على القيم والمهارات التي نقلوها إلى الطلاّب، ما يؤهلهم للتفوّق في مجالات تخصّصهم.
وفي الختام، شكر إدارة الجامعة على دعمها المالي الثابت، ما مكّن الطلاّب من مواصلة دراستهم برغم الصعوبات الاقتصادية. كما أشاد خليفه بأولياء الأمور على محبّتهم ودعمهم الدائم، واعدًا بالعمل من أجل مستقبل أفضل لهم وللوطن.
ثم أدّى القسم كلّ من بيار أبو خليل، وجويا الكيك، وهيلينا علم، وإيلي عاصي، وفراس خليفة، وميا معلوف، وجنى صوايا، ورنا سليم، وناي حمدان، في شهادتي الإجازة والماجستير. أما قسم الدكتوراه في النزاهة العلمية فأدته ريتا قزي وباسل نصر، وهما يحملان شهادة الدكتوراه في هندسة المعلوماتية والاتصالات، وكريستي لحود التي تحمل شهادة دكتوراه في هندسة الكهرباء والطاقة.
قبل تسليم الشهادات، ذكّر البروفسور وسيم رافاييل، عميد كليّة الهندسة والعمارة، الحضور بأن الهندسة المعمارية ليست جديدة على جامعة القدّيس يوسف في بيروت، إذ تخرّج مئات المهندسين المعماريين من الكليّة على مدى القرن الماضي. ومع ذلك، أشار إلى أن هذا العام يمثل علامة فارقة هامة مع تخريج أول دفعة من برنامج الهندسة المعمارية في شكله الجديد. وتابع رافائيل يقول: "لقد أظهر هؤلاء الطلاّب، بعد أن بدأوا دراستهم في أيلول 2019، صمودًا ملحوظًا في مواجهة تحدّيات غير مسبوقة، ويرمز نجاحهم إلى الأمل والتصميم والمثابرة".
كلمة الطالب المتفوق فراس خليفة