!فَلِمِثْلِكُم تُرفع القبعة                    

بمناسبة حفل توزيع شهادات الماجيستر في الترجمة، دبي، في 26 حزيران
Juin 2024

سعادة الأستاذ الدكتور سيف غانم السويدي، مدير محاكم دبي

حضرة الأب البروفسور سليم دكاش، رئيس جامعة القديس يوسف في بيروت

عميدة كلية القانون، البروفسور ماري كلود نجم

عميدة كلية اللغات ومديرة مدرسة الترجمة، البروفسور جينا سعد

سعادة القضاة والمحامين الكرام

السيدات والسادة الأفاضل

 

هنا، يجمعنا ثلاث: المعرفة، ولبنان، ودبي!

المعرفة تجمع ... وصرحنا جامعة القديس يوسف.

ولبنان يجمع ... بامتداده الهادر إلى محيطه والعالم.

ودبي تجمع ... بكل ما أوتيت من تطور وحكمة وتسامح.

بهذا المعنى، يحكمنا هنا مكانان... وزمن.

 

وهنا، نزين رؤوسنا بقبعتين اثنتين: القانون والترجمة!

والقانون يزيِّن المجتمعات التي ترتضيه سبيلًا للتعايش بأمن وسلام وازدهار.

والترجمة تزيِّن الحضارات التي تُعلي شأنَها فتعلو، وتجعلُها جسرًا فتعبر.

وبهذا المعنى أيضًا، يؤطِّرُنا هنا تخصُّصان... وزمن.

والزمنُ زمن الزحام الذي لا ينتظر أحدًا... زمنُ الألفية الثالثة الذي يسبِق ولا يسابِق إلا من قرَّر مسابَقَتَه. ومسابقتُه ليست من السهولة بمكان، إذ تعني ضمن كثيرِ ما تعنيه مجاراتَه بالديناميكية اللازمة لمواجهة استحقاقات العصر الداهمة ومستقبلِه دون أن نُخِلَّ بماضٍ عريقٍ شكَّلنا، وبتاريخٍ ناصعٍ طبع كلَّ بقعة من جغرافيتنا العربية التي لطالما أثَّرت أيَّما تأثير في العالم أجمع، حضارة ولغة وثقافة وعلمًا وفنًّا وأديانًا. وما نحن وأنتم اليوم إلا شهودٌ على كيفية ترجمة الإصرار إلى جميع اللغات، وعلى أننا عاقدون العزم على الاستمرار حتى "خط النهاية"، واسمحوا لي أن أضع "خط النهاية" بين قوسين. فالدارس، ولا أقول العارف بطبيعة الحال، يلاحظ جيِّدًا ألَّيس هناك خطٌّ واضحٌ في العلم يُرسِّم نهايتَه. الترسيم للحدود والعلم لا حدود له. وهكذا، نحن نتخرَّج اليوم من الجامعة دون أن نخرجَ منها أو تخرجَ منا، مُرافعين تحت راية الحق وقوس العدالة في محافل الكون كلِّها للقانونيين، وناقلين للعالم أجمع حضارتنا وثقافتنا ولغتنا للمترجمين.             

 

وقد أوجزت في ما أسلفت، شيئًا ما عن مكانين وزمن، وآخرَ عما يبدو للسامع أنهما تخصُّصَان، مجرَّدُ تخصُّصَيْن. ولكنهما لعقولنا كما لقلوبنا، يمثِّلان أساتذةً علماء في مجالاتهم وطلَّابًا، أثبتوا بكل جدارة أنهم أهلٌ لهذا اليوم الذي انتظروه طويلًا. ولا أخفيكم أنني ظننت، ذات اعتقاد سابق وعابر، أن تحصيل الشهادات العليا ترفٌ لا يرقى إلى سحر التجربة العملية وزخم الممارسة المهنية؛ حتى أثبتت لي جامعة القديس يوسف مرة جديدة أن الجالس خلف مقعد الصف المتصل بالطاولة التي يكتب عليها فروضَه وامتحاناتِه، ما هو إلا طالب أينما بلغ في حياته. طالب يتتلمذ على من سبقه في المجال، ولا يملك إلا القليل القليل من أدوات الغوص في محيطات العلم والمعرفة. طالب ينظر إلى أمامه ليواسي ولاء وهي تغالب دموعها وقد تأخرت في تسليم واجبها بسبب ضغط العمل وتنتظر الدكتورة ميليسا مزنر كي تتسامح قليلًا في موعد التسليم، وإلى ورائه لتقول له إيمان إنها لم تدرِ أن سنة واحدة في الجامعة اليسوعية سيفوق ما تعلَّمته في خلال أربع سنوات، وإلى يمينه ليستمع إلى تمرُّد نانسي على اقتراح آخر للترجمة من الدكتور أحمد تميم أو الدكتور محمود الحجار، وإلى يساره ليجادل بولس بأن الحضور إلى الجامعة أفضل من صفوف الأونلاين التي أجبرتنا عليها كورونا في الفصل الأول والتي استطاعت الجامعة ببراعة أن توفِّرَها لنا دون أن تنتقص شيئًا مما نحتاجه، رغم أنها حرمتنا التشرُّف بالتعرُّف مبكِّرًا على الدكتورة جينا سعد والدكتورة مي حبيقة شخصيًّا. يصعب أن أذكر الجميع في سطور، يصعب أن أختصر التجربة في كلمة. بيد أني كخرِّيج من الجامعة اللبنانية العريقة في بيروت، كنت منبهرًا طيلة فترة الدراسة بالتنوع الذي كان يصهرُنا في صفٍّ واحد. طارق وعلي من الإمارات بجانب محمد من تشاد، وياسمين وكاتيا من فلسطين بجانب رزان من الأردن ، ومهاد من السودان بجانب كليثم وأمل وماصيفة وعليا من الإمارات. وكل هؤلاء ينتظرون الدكتورة كريستينا يبريميان كي تنشر العلامات، حتى فرَّقنا ضغط البحث لإتمام كل منا رسالة الماجستير ليس إلا لأكتشفَ جزءًا فقط من مستوى علم الدكتورة نبيهة مكتبي ومعرفتها، وهي التي واكبتني كلمة كلمة وسطرًا سطرًا في أثناء بحثي كمشرفة على رسالتي للماجستير.

باختصار، لقد صَوَّرَ صفُّنا دبي بصورة مصغَّرَة لتكبر في قلوبنا أكثر، ومثَّلت جامعتُنا لبنانَنا الحبيبَ عن بعد لنشتاق إليه أكثر.

ولكل ما تقدَّم، تمسي كلمات الشكر قليلة بحقكم جميعًا. ولذلك، اسمحوا لي بأن أستعيض عنها بحركة بديلة. فَلِمِثْلِكُم تُرفع القبعة!     

كلمة قسم ماجستير الترجمة

                                         طاهر بركة

جامعة القديس يوسف – فرع دبي