شَهِدَ حرم جامعة القديس يوسف في الشمال- قاعة الدكتور سابا قيصر زريق للمحاضرات، حفل توقيع كتاب "رؤى التحولات: قراءة في شعرية الوطن لدى الشاعر القروي وخليل حاوي ومحمد الماغوط" للدكتورة دورين نبيل نصر، حضره كمال زيادة ممثلًا النائب اللواء أشرف ريفي، المدير العام السابق لوزارة الثقاف فيصل طالب، أميّة ابي صعب زريق، فيصل درنيقة، المهندسة ميراي شحادة، أحمد درويش، فلك رافعي، الأمين العام للاتّحاد العربي مزهر زيتونة، وفد من الصليب الأحمر اللبناني فرع الكورة، رئيس المجلس الثقافي للبنان الشمالي صفوح منجد، رئيس رابطة الجامعيين في الشمال غسان الحسامي، رئيس الاتّحاد الفلسفي العربي الدكتور مصطفى الحلوة، رئيس لقاء الأحد الثقافي الدكتور أحمد العلمي وفاعليات ثقافية.
قدّمت للندوة المهندسة نانسي نصر وقالت: "نلتقي معًا حول كتاب للدكتورة دورين نصر لنشارك في مائدة المنطق والوجدان على طاولة صاغها القلم بإيعاز من الفكر البحثي، فلنستمع معًا إلى مداخلات أهل العلم البارزين".
علم الجميّل
ثم تحدّثت مديرة فرع الشمال فاديا علم الجميّل باسم رئيس الجامعة البروفسور سليم دكّاش اليسوعيّ، وأشارت الى أن الدكتورة نصر من أهل الجامعة ومن خرّيجي الدفعة الأولى في الدكتوراه في الآداب العربية من فرع معهد الآداب الشرقية في الجامعة اليسوعيّة في الشمال. وتساءلت: ماذا يا ترى يقول هؤلاء الشعراء الكبار، الشاعر القروي وخليل حاوي ومحمد الماغوط، في الكتاب الذي نحتفل اليوم بصدوره للكاتبة الدكتورة دورين نصر لو كانوا ما يزالون أحياء بيننا، عن الوطن؟ وعما نعيشه اليوم؟".
وتوجّهت إلى نصر قائلة: "أنا لا أبحث عن الوطن الفردوس، بل عن وطني، ملجأي الأخير".
النكت
أما عميد كليّة العلوم والآداب في جامعة البلمند البروفسور حنا النكت، فقال:"في الثالث والعشرين من شهر حزيران المنصرم، كان لي شرف تمثيل رئيس جامعة البلمند الدكتور إلياس الورّاق في يوم الاحتفال بالذكرى المئة والعشرين لمعهد الآداب الشرقية في جامعتكم الموقرة، فكتبت في كتاب التشريفات (للمئة والعشرين خفرها ورهبتها، وللأدب الشرقي عراقته وأصالته، فكيف إذا اجتمعا معًا في جامعة القدّيس يوسف في بيروت- لبنان)".
وتابع: الدكتورة دورين هي ابنة الكورة الأصيلة والعريقة، كورة العلم والمعرفة والإيمان والانفتاح والحوار. ومن مقلع الأصالة في الكورة جاء انسجام الدكتورة دورين مع معهد الآداب الشرقية في جامعة القدّيس يوسف طبيعيًا ومتناسقًا وزادهًا غنى على غنى، فكانت بكل ما أنتجته من مؤلفات ونقد وحلقات ثقافية أمينة لهذه الأصالة والعراقة، وجاءت عطاءاتها متماهية مع عطاءات من سبقها من مؤسّسي المعهد وخرّيجيه، تحمل الإبداع نفسه".
سعادة
من جهته، قال الشاعر والأستاذ الجامعي البروفسور جورج سعادة: "جميل مشهد حضوركم يا سادة وأجمل ما فيه، هذا اللقاء إلى مائدة الكتاب لتشكل واحة فرح ومحبة في بقعة من الأرض مضطربة يسودها القتل والدمار، ونعيش معًا لحظات مشرقة في زمن رديء مكفهّر أجواؤه عاصفة، نلتقط الثواني الهاربة نقول للزمان لا تبرح ولكنه يرحل كالنسمة تمرّ على الغصن فيرتعش، وأنتم يا سادة نموذج للبنان الحب والألفة، لبنان الإنسان الخميرة الصالحة لعجين ينتظر".
وأكّد أن "تميّز الكاتبة الدكتورة نصر بالقدرة على هضم المناهج الحديثة، حيث عالجت في كتابها شعر ثلاثة من الشعراء رشيد سليم الخوري وخليل حاوي، ومحمد الماغوط، فتدرجت بأشكال نتاجهم من الشعر الموزون إلى التفعيلة وانتهت إلى قصيدة النثر التي تروق لها بصورة خاصة.
وتابع: "لقد كان للغربة علامات فارقة، فهي لم تكن لتعني بالتحديد الهجرة من الوطن-المكان، بل تفرّعت وتعمّقت لتتحول إلى حالة نفسية مقيمة، غربة الذات عن الوطن والأهل وغربة الذات عن الذات، فكم من مرة نكون في الوطن وبين الأهل وتلاحقنا الغربة، إنها حالة النفس التائقة إلى أصلها والمتململة في هيكل التراب مسكنها الموقت".
وختم:" عالجت دورين هذه الموضوعات جميعًا بدقة ونجاح، فجاء كتابها جديرًا بأن يُقرأ للمتعة والفائدة معًا وكل قارىء سينال منه ما يبتغيه وما يناسب ثقافته".
زريق
أما زريق فقال: "لا ننسى أن الفضل في بناء مجد لغة الضّاد يعود لفطاحِل ملأوا الدنيا أوزانًا مِرنانة. إن القصيدة العمودية، وإن شاختْ بعد مرور نحو ألفي سنة على ولادتِها، لم تزل يافِعة، أقلّه في نظر كثر. ينبغي ألا ننكِر أنها أصبَحتْ دليلًا على نهضة شعرية في زمنِ التحوّلات. وهنا أستعين بما قالهُ أندريه مالرو، السّياسي والفيلسوف والأديب والناقد الفرنسي حول أعمال الرسّام الإسباني بيكاسو، ومفادهُ أنه يتفهم أن يرسُم رسّامٌ ما على نمطِ بيكاسو، شرطَ أن يجيد الرسمَ على نمط الرّسام الهولّندي رامبرانت. وترجمةُ ذلك شعريًا أن ناظمَ قصيدةِ النثرِ لا يكون شاعرًا بالمفهوم العام، إلا إذا كان يجيد نظمَ القصيدة العمودية".
وتابع: "رشيد سليم الخوري، أحدُ أركانِ العُصْبة الأندلسية، المهَجَّر والدّاعي إلى الوَحدة والتآخي بين الطوائف، والثائرُ المناضلُ الجريء ضدَّ الاستعمار، ناظمُ القصيدةِ التقليدية. لم يكن ربما ليعتمدَ لقبَ الشاعر القَروي، لو لم يُعَيَّرْ بصفة القَروي في ذلك الزمان، فتمسّك بهذا اللقب على حساب لقَبَين آخرين أطلِقا عليه، ألا وهما شاعرُ العروبةِ المهْجري وشاعر النهضةِ العربية".
وقال: "أما شاعرُ التفعيلة خليل حاوي، فاختارَ موضوعات غيرَ كلاسيكية لقصائدِهِ، على ما لحظته المؤلِّفة، معتمِدًا الرموز الحِسّية والنفسية وكذلك الأساطير، حتى التوهمَ المقصود، ليفشيَ بحنينِه. ولم يكُنِ الإحساسُ العميقُ الذي يتّسمُ بهِ عادةً الشعراء إحساسًا عاديًا لدى حاوي، بل تخطّاه إلى حدِّ استعجالِ خروجِهِ من الفانية، إحباطًا أو وَجَلًا، هو الخائب والقَلِق أساسًا، عندما اجتاحَ العدو عاصمتَنا منذ أربعين حولًا. أما الماغوطُ الثائر، الذي نشأَ في محيطٍ متواضعِ الحال، وفي كَنَف يفتقدُ الحَنان، فهو عبّر ببساطةٍ بقصائدِه الحُرّة عن موضوعاتٍ سلبية كالموتِ والخوف، متمردًا، على حدّ ما أفادَتْنا شاعرتُنا، على الشعرِ الكلاسيكي، بأدب سياسيٍ ساخر. وكان الماغوط أديبًا شُموليًا، نظمَ قصيدةَ النثرِ وكتبَ الخاطِرةَ والرِّواية، ألَّف مسرحياتٍ ناقدةً أسهمَتْ في تطويرِ المسرحِ السياسي في الوطنِ العربي وسيناريوهاتٍ لمسلسلاتٍ تلفزيونية وأفلامٍ سينمائية".
وختامًا شكرت نصر المتحدثين ثم وقّعت كتابها للحضور، وأقيم حفل كوكتيل .