معهد الآداب الشرقية يحتفل بمرور 120 سنة على تأسيسه

الجمعة 23 حزيران 2023
18h.30
La Bibliothèque Orientale

استضافت المكتبة الشرقيّة في شارع هوفلان -الأشرفية احتفال جامعة القدّيس يوسف في بيروت بمرور 120 سنة على تأسيس معهد الآداب الشرقية الذي كان يعرف بالكلّيّة الشرقية وانطلق من أروقة المكتبة التاريخية، فعاد إليه المحتفلون من رسميين وأكاديميين وأساتذة وطلاّب، إذ اجتمعوا في قاعة ليلى تركي في المكتبة، بحضور وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال عبّاس الحلبي، والنائب عدنان طرابلسي، والمستشار السياسيّ في السفارة الإيرانية في بيروت كرم الله مشتاقي، ممثّلًا السفير الإيرانيّ في لبنان، والعقيد فؤاد الزغبي ممثلًا قائد الجيش العماد جوزاف عون، والنقيب أوليفر الحمصي ممثلًا مدير عام أمن الدولة اللواء طوني صليبا، الرئيس الإقليمي للرهبنة اليسوعية الأب مايكل زميط اليسوعيّ، رئيس الجامعة البروفسور سليم دكّاش اليسوعيّ، مدير المعهد البروفسور طوني القهوجي وشخصيات أكاديمية وطلاّب.

تضمّنت الاحتفالية ندوة تحدّث فيها كلّ من مدير المعهد، ورئيس الجامعة الرئيس الإقليميّ للرهبنة اليسوعية، ووزير التربية، وفي القسم الثاني من اللقاء كانت مداخلات لكلّ من البروفسور أهيف سنّو، والبروفسور جرجورة حردان، والدكتورة زكية نعيمه. وعُرض فيلم يوثّق لتاريخ المعهد منذ انطلاقته حتى وقتنا الحاضر، وقدّمت الدكتورة باميلا الأشقر شرحًا حول الكتيّب الصادر في العيد الـ120 للمعهد، وتولّى الإعلامي طوني مراد تقديم الاحتفالية بمجملها.

 

القهوجي

بدأ الاحتفال بالنشيد الوطنيّ اللبنانيّ ونشيد جامعة القدّيس يوسف، ثم ألقى مدير المعهد كلمة أكّد فيها على دور اليسوعيين الذين "استغلّوا الفرص المتاحة لنقل الثقافة والفكر؛ واللافت أن المرسلين اليسوعيين في الشرق لم يكتفوا فقط بنقل معارفهم وتراثهم وتعاليمهم، إنما سعوا إلى الاكتناز من الثقافة الشرقية، وتحديدًا العربية منها".

وتوقف على تاريخ المعهد باكورة المؤسّسات التعليمية، فمعهد الآداب الشرقيّةِ "جُزءٌ لا يتجزّأ من تاريخ الرهبنةِ اليسوعيّةِ وتاريخِ جامعة القدّيس يوسف، وقد حملَ منذ أكثرِ من قرنٍ لواءَ النهضة العربيّة وسار به وسط تحدّيات كثيرة، مخرّجًا أجيالًا من أصحاب الاختصاص فتبوّأوا مراكز رفيعة، وسطعوا بفضل كفاءتهم في لبنانَ والعالمِ العربيّ، متجاوزين الحدودَ الجغرافيّةَ ليُلْمَحَ بريقُهم في العالم أجمع".

وعن تاريخ المعهد قال: " يحتفل معهد الآداب الشرقية هذا العام بالذكرى المئة والعشرين لتأسيسه. فجذوره التي تعود إلى الكُليّة الشرقيّة التي أسّسها الآباء اليسوعيّون في العام 1902، توّاقةٌ أبدًا إلى التقدّم والتجديد، مع مراعاة الماضي والحاضر بالانفتاحِ الدائمِ على حضارة الشرق والغرب، وتعبيدِ مساحاتِ تقاربٍ لمختلفِ الأوساطِ والتوجّهات"، مؤكّدًا على استمراره في تأدية رسالته، بإعداد أساتذةٍ متخصّصين ونقّادٍ وباحثين في اللغة العربيّة وآدابها، والفلسفة، والحضارة العربيّة، والدراسات الإسلاميّة، وتاريخ البلاد العربيّة. وهو لا يألو جُهدًا في دعم النشاطِ العلميّ، سواءٌ من خلال تعزيز البحث العلميّ ضمن مركز لويس بوزيه لدراسة الحضارات القديمة والوسيطة، أو من خلال نشر الأبحاث في حوليّات المعهد".

وعن التحدّيات التي يواجهها المعهد اليوم قال القهوجي: "كنّا أمام خيارين... إمّا أن نبقى مكتوفي الأيدي، متفرّجين، تسبقنا قاطراتُ التقدّم وتتركُنا وحيدين على رصيف الأمس... وإمّا أن نعدوَ ونراهنَ على تاريخنا المشعِّ علمًا ومعرفةً وأدبًا... لننطلق بكُلّيّتنا نحو الغد بلا تردّد... فنوظّفُ لغةً، أو ربّما نبني لغةً، تتماشى مع السّياقات الحياتيّة الجديدة، تخلعُ عنها رداء التّقليد من دون أن تمَسَّ بأصالته، وذلك كي تعود لتحيا في ثقافةِ الأجيال الجديدةِ وتمسيَ جُزءًا من استخداماتها اليوميّةِ في مختلفِ حقول العمل. وبهذا نكونُ قد أنقذنا لغتَنا من جمودٍ في عصر سرعةٍ، ومن خطرِ موتٍ أمام سَطوة اللّغاتِ الأخرى في زمن العولمة والحياة الافتراضيّة".

 

زمّيط

الرئيس الإقليميّ للرهبنة اليسوعية الاب مايكل زمّيط ألقى كلمة باللغة الفرنسية عن تاريخ المعهد وسروره لإقامة الاحتفال في المكان نفسه الذي انطلق منه المعهد أي المكتبة الشرقية، وقال: "المكتبة الشرقية؛ مكتبة الصور؛ متحف الصور؛ متحف ما قبل التاريخ اللبناني؛ المدرج والقاعة الحالية كلّ هذه الأماكن تستحضر على الأقلّ جزئيًا جميع الوجوه الشهيرة للمعلمين والباحثين والآباء والأخوة اليسوعيين والأشخاص العاديين الذين التحقوا على التوالي بالكليّة الشرقية، هذا ما عبّرت عنه شرعة جامعة القدّيس يوسف التي كتبها الأب جان دو كرويه"، وأضاف: "عن أصالة الجامعة يمكن للآخرين أن يشهدوا أفضل مني على المكانة الاستثنائية لمعهد الآداب الشرقية في دراسة وتدريس اللغة العربية وغيرها من اللغات القديمة والحديثة خلال حياة المؤسّسة".

وختم بالقول: "في احتفالنا بمرور 120 عامًا على إنشاء الكليّة الشرقية وخليفتها معهد الآداب الشرقية، نتطلّع إلى المستقبل بتصميم وثقة، ونسعى قدر الإمكان لإعداد جيل جديد من الباحثين والمدرِّسين اليسوعيين وغير اليسوعيين الذين يواصلون العمل الذي بدأه من سبقوهم في هذا المجال المهمّ جدًا الآداب الشرقية في تنوّعها".

 

دكّاش

من جهته تحدّث رئيس الجامعة البروفسور سليم دكّاش باللغة الفرنسية عن تاريخ المعهد المرتبط ارتباطًا وثيقًا بانطلاقة جامعة القدّيس يوسف وعن دور الآباء اليسوعيين والمستشرقين الذين نذروا وقتهم وقوتهم في سبيل الآداب الشرقيّة والجامعة، مستذكرًا أسماء الآباء اليسوعيين الذين سعوا بإصرار إلى ولادة الكليّة الشرقية ثم الجامعة، وقال: "افتتحت الكليّة الدروس فيها في الثاني من كانون الأوّل 1902 معتمدة الحلقة الأولى لمدّة ثلاث سنوات، حيث تمّ إضافة اللغتين القبطيّة والأثيوبيّة على لائحة اللغات المُدَرّسة. ومن الوجوه التي لمعت في تلك الحقبة الأب موريس بويج (Bouyges) في الفلسفة العربيّة، الأب لويس شيخو في اللغة العربيّة وآدابها، الأب لويس جلابير (Jalabert) في علوم الآثار والكتابات، بول جوون (Jouon) للعبريّة، هنري لامنس (Lammens) للتاريخ، ألكسي مالون (Mallon) لتعليم القبطيّة ولاحقًا سوف يؤسّس مدرسة الكتاب المقدّس في القدس لتعليم العبريّة، لويس وسيبستيان رونزفال (Ronzevalle) للغة اليونانية والعلوم والآثار والكتابات، وأنطوان صالحاني لآداب اللغة العربيّة".

وشرح كيف تحوّلت الكليّة إلى معهد للآداب الشرقية قائلاً: "إنّ تأسيس الكلية الشرقيّة في السنة 1902 جاء على خلفيّة كاثوليكيّة رومانيّة لتزويد الاختصاصيين في الكتاب المقدّس وخصوصًا الطلّاب منهم بعلوم لغويّة وتاريخيّة وحضاريّة لها علاقتها القويّة بالكتاب المقدّس أكان ذلك بطريقة مباشرة أو غير مباشرة".

 وذكر المحطات البارزة في تاريخ المعهد والمعوقات الكبيرة التي واجهها لا سيّما الحرب الأهلية اللبنانية، فالمعهد "منذ أن كان كليّة شرقيّة بعلماء ومعلّمين واختصاصيّين نبراسيّين اختباريين من الآباء اليسوعيين وكذلك من العلمانيين الذين رافقوا أجيال الطلبة سنة بعد سنة وكانوا لهم خير الموجّهين والباحثين والأساتذة، وهم بالعشرات من كلّ حدبٍ وصوب واختصاص. ولا شكّ أنّ من بين المتخرّجين والمتخرّجات، أسماء لمعت اللمعان القويّ في عالم الشعر والنقد والتعليم".

وختم كلمته بتوجيه تحية إلى "مجمل العمداء والمديرين والأساتذة والبحّاثة والطلّاب الذين زيّنوا بوجودهم والتزامهم الأدبيّ والمهنيّ تاريخ الكليّة ثمّ المعهد منذ البدايات حتّى اليوم. تحيّة لأولئك الذين في غيابهم وحضورهم الدائم أشرق المعهد ومسيرته بالكثير من العلم والمحبّة والعطاء".

 

الحلبي

وزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي تناول في كلمته مكانة جامعة القدّيس يوسف "المتجدّدة دومًا والمتأصلة في تاريخنا اللبناني والعريقة تنويريًا وعلميًا" ثمّ تحدّث عن المناسبة فقال: "اللقاء اليوم يتسم بمعنى مختلف في معهد الآداب الشرقية الذي يحيي الذكرى الـ 120 على تأسيسه وتحوّله معهدًا أصيلاً يحفر في التاريخ وتراثنا المشرقي ولغتنا العربية والفكر الإنساني والانفتاح الديني والحريات".  

وأضاف: "ينتسب المعهد الى المعهد الأم الجامعة اليسوعيّة التي خرّجت أجيالًا وكفاءات وقادة رأي ورجال دولة ساهموا في نهضة لبنان منذ تأسيس الكيان من دون أن ننسى نخبة المفكرين ورجال القانون والحقوقيين والموسوعيين والباحثين في مجالات معرفية شاملة".

توقّف الحلبي على تاريخ المعهد والجامعة وقال: "يمكن الحديث كثيرًا عن معهد الآداب الشرقية لكن بالنسبة إلي يعني هذا الصرح الأكاديمي ساحة للتنوير وصفحة مشرقة في تاريخ لبنان وإذا كان من كلمة تقال في تاريخهم فهي الدور الذي أدّاه الآباء اليسوعيون(كنتم ضد البروتستانت ونحن كنّا مع البروتستانت) ليس في نهضة المعرفة وحسب وإنما في نشر المعرفة والثقافة الموسوعية منذ ما قبل الاستقلال وإعلان دولة لبنان الكبير ليس على مستوى دور المسيحيين في بناء لبنان فحسب بل التميّز من انخراطهم مع المكوّنات اللبنانية الأخرى طوائف ومذاهب في التأسيس للصيغة عبر الشراكة وتنظيم الخلاف. إن هذا المعهد وجامعة القدّيس يوسف ساهما في بلورة الرؤية حول لبنان الذي نال استقلاله العام 1943 والأهم أن هذا المعهد وقبله الكلّية الشرقية صمدا في حربين عالميتين واستمرا في تخريج الطلاّب ومنهم من أصبح علامة في اللغة العربية حاملين تراث الشرق ليكتب المسيحيون اسمهم في تاريخ العربية حاملين شعلتها الى جانب الحضارة والتراث الانسانيين وهم خدموا المجتمع اللبناني أيضا انطلاقًا من رسالتهم الرهبانية وعلومهم وساهموا في إنمائه وتطويره".

وتوجّه بتحيّة إلى "النهج الذي تعتمده الجامعة والمسار الثابت التنويري لمعهد الآداب الشرقية" وهو " ستمر في تأدية وظيفته يبقى مدرسة إنسانية وركيزة لنقل المعرفة وانتاجها وابتكار الحلول لخدمة المجتمع" مشدّدًا على "أن أن المعهد في ذكرى تأسيسه الـ120 والتابع لجامعة القديس يوسف، يمثلان معاً رسالة أمل وعنوان تحدٍ لاستمرار الإيمان ببلدنا، وأكرر ما قلته في مناسبة سابقة بأن قيمة الجامعة تبقى في رؤيتها الخلّاقة والإنسانية بالدرجة الأولى".

 

 

مداخلات الأساتذة

تناولت مداخلات الأساتذة محاور مختلفة من رسالة معهد الآداب الشرقيّة وتاريخه وواقعه، فتحدّث البروفسور سنّو عن معهد الآداب الشرقية واللغات القديمة، وتناول البروفسور جرجورة حردان الممارسة الأكاديميّة في المعهد، وتوقفت الدكتورة زكية نعيمه على التحدّيات المستقبلية التي يواجهها المعهد (مرفق موجز عن هذه المداخلات).

واختتم الاحتفال بكوكتيل في باحة المكتبة الشرقية. 

ألبوم الصور 

مقتطفات صحافية