مرة جديدة عرفت فريال متري قصعه، كيف تعلو على الألم فيصبح عطاءً، وكيف تحوّل الغياب إلى قصيدة للصداقة والأخوّة والأمل.
جمعت فريال أصدقاء شقيقها الراحل المحامي خليل متري قصعه، ومسؤولين من جامعة القدّيس يوسف ومستشفى أوتيل ديو دو فرانس، في 27 نيسان 2023 لحضور حفل إطلاق تسمية ردهة الاستقبال الأساسيّة في المستشفى فتكون باسم خليل متري قصعه.
السيدة سينتيا غبريل أندريا مديرة مؤسّسة جامعة القدّيس يوسف في بيروت Fondation USJ قالت إن "فريال قصعه جسّدت التزامها تجاه جامعة القدّيس يوسف ومستشفاها الجامعيّ بإنشاء صندوقين للمنح الدراسية منذ العام 2018، الأول تكريمًا لوالدها المحامي الراحل متري قصعه، والثاني لوالدتها الراحلة جاكلين قصير قصعه، وقدّمت أيضًا هبة وصيّة باسمها الخاصّ، وها هي اليوم تجمعنا حولها في هذا الحفل تكريمًا لذكرى أخيها".
وأضافت أن "هذا يدلّ على فعلَيْ حبّ وتضامن حقيقيين تجاه مجتمعنا، وبالتالي خلق إرث دائم لمساعدة الأجيال القادمة ودعم صندوق التضامن الاجتماعي في مستشفى أوتيل ديو، الذي أُنشئ لدعم المرضى المحرومين، أولئك الذين ليس لديهم ضمان اجتماعي أو تأمين خاصّ".
وإذا كانت فريال مثالاً يحتذي به الجميع ونموذجًا لخريجي جامعة القدّيس يوسف الراغبين في إظهار امتنانهم وولائهم لجامعتهم، فإن خليل يجسّد، "مفهوم الصداقة (...) المقدّسة وغير القابلة للمساومة ومدى الحياة" كما وصفته السيدة زينة صالح، صديقته المقربة على مقاعد مدرسة سيّدة الجمهور، وكليّة الحقوق والعلوم السياسية في جامعة القدّيس يوسف وحتى اللحظة الأخيرة.
السيد نديم شمّاس، صديقه منذ 50 عامًا، في مدرسة سيّدة الجمهور وفي كليّة إدارة الأعمال في باريس HEC، وشريكه في العمل لمدة 25 عامًا، الذي اختار أن يتحدّث مباشرة إلى صديق عمره فقال: "اكتشفتُ بعد مغادرتك القوّة الكامنة للأخوّة (...) أدركتُ أنك وفريال اخترتما الارتباط بشراكة مصير طوعيّةً وليست مفروضة، من خلال التزام متبادل منكما الواحد تجاه للآخر، والأشدّ جمالًا، بالنسبة لكما معًا، تجاه الآخرين (…). خليل روحك ستكون حاضرة إلى الأبد في هذه الردهة في أوتيل ديو، وأعلم أن الرجال والنساء الذين سيدخلونها سترحّب بهم روحك الخيّرة وأنه، كما هي الحال في حياتك، ستجعل آلام الآخرين أقلّ حدّة، ومعاناتهم أقصر وقتًا والفراق أقلّ إيلامًا. ولأن المستشفى أيضًا مكان ولادة أو انبعاث، فأنا أعلم أيضًا أن نظراتك التي لا تُنسى ستظلّ موجودة دائمًا لمرافقة مَنْ يخرج منها" ختم شمّاس.
رئيس جامعة القدّيس يوسف في بيروت ورئيس مجلس إدارة مستشفى أوتيل ديو دو فرانس البروفسور سليم دكّاش، استعاد كلمات فريال وهي تصف ألمها عندما تقبّل خليل قدره ورحل في 3 آذار 2021، وتَسَأَلَ ما إذا كان "بإمكان أحد أفراد الأسرة أن يخرج من حياتنا بهذه السهولة"، قبل أن يؤكّد أنه "إذا لم يحملنا رجاء وذكاء إيماننا على أن نشعر بقيامة الأجساد بعد الموت، فإن الحياة كلّها ستكون مجرد خدعة".
وأضاف أنه "من خلال السرّ الفصحيّ أعاد المسيح إحياء خليل، الذي جعله نبلُ روحه رجلاً متواضعًا أصيلاً، ومتكتمًا بشكل ملحوظ، وكريمًا بشكل مدهش. سيظلّ اسمه محفورًا إلى الأبد في السماء كما سيكون في ردهة أوتيل ديو".
وبعد دقيقة من التأمل دعا إليها رئيس الجامعة وقرأ صلاة لسيّدة لورد من الأب برييف، ثمّ قرأت الأمينة العامة السابقة لـ Fondation USJ السيّدة كرمل واكيم غفري صلاة من القدّيس أمبرواز.
من جهتها أصرّت فريال قصعه على تقديم الشكر علنًا لكلّ من الأطباء الدكتورة إليان ناصر أيوب، والدكتورة سامية ماضي جبارة، والدكتور جورج خياط، على معاملة خليل بإنسانية وصبر استثنائيين.
وبعد مشاهدة مونتاج لصور خليل وقراءة فريال لعظة كتبها القديس أمبرواز لمناسبة وفاة أخيه المبكرة، بارك البروفسور دكّاش اللوحات الأربع في ردهة أوتيل ديو، وهي لوحات صمّمها المهندس المعماري جوزف مارون الذي أراد، من خلال عمله، أن يرمز إلى هذا التناضح الرائع بين عائلة قصعه وجامعة القدّيس يوسف.
وأوضح مارون أنه "سيتمّ تجديد القاعة وستكون المادة الرئيسية المستخدمة الترافرتين (الحجر الجيري)، وبما أن خليل كان منذ طفولته جزءًا من هذا الجسم الذي هو جامعة القدّيس يوسف، فمن الطبيعي أن تكون المادة المختارة للوحات التي تحمل اسمه هي نفسها في القاعة بأكملها. لقد تمّ وضع هذه اللوحات على الأعمدة الأربعة الحاملة للقاعة وليس على الجدران، لأنها تمثل الدعم الذي منحه خليل وفريال لجامعة القدّيس يوسف بشكل عامّ ولمستشفى أوتيل ديو بشكل خاصّ. ونِسَب اللوحات مساوية للنسبة الذهبيّة، المعروفة أيضًا باسم "النسبة الإلهية"، وقد اختيرت عمدًا لتكون صدى لقلب خليل الذهبيّ".
واختمت لحظات النعمة هذه بحفلٍ موسيقيّ قدمه عازف البيانو جورج دكّاش وعازف الكمان ماريو راعي في بيت التباريس تخليدًا لذكرى خليل قصعه.