الدكتور فادي جورج قمير
رحل العالم الكبير في المياه: الصديق والزميل الدكتور وجدي نجم عميد كليّة الهندسة في الجامعة اليسوعية – بيروت.
رجل علمٍ وأخلاق، أكاديميّ من الطراز الأوّل. حفلت مسيرته العلمية بمحطّات وإنجازات ترك فيها بصماته وليس أبهى منها سوى الأجيال والأجيال التي تخرّجت على يده. تميّز بثقافة واسعة وعالية ومتابعة علمية دقيقة.
تعاونّا معه ومع الدكتور سليم كتافاكو منذ أن تولّينا مهام المديرية العامة للموارد المائية والكهربائية، حيث أرسلنا جميع المهندسين العاملين في المديرية العامة المذكورة الى الجامعة اليسوعية لتعزيز قدراته العلمية الهندسية، حيث خضعوا لدورة تدريبية لمدة ستة أشهر، ونالوا شهادة على أساسها وتخرّجوا بعدها كمهندس مياه خرّيج هذه الجامعة العريقة وأصبحوا قدوة في العمل الهندسي والمتابعة الهندسية.
كما تعاونّا مع الراحل الكبير في العديد من الدراسات المتعلّقة بمجال المياه واعتلى العديد من المنابر المحلية والعالمية بمناسبة انعقاد مؤتمرات وندوات ولقاءات علمية بهذا الخصوص. فكان حاضر الذهن دائمًا ومشاركًا فاعلاً، يشكّل قيمة مضافة على أي مؤتمر أو ندوة تُقام. أقلقه التغير المناخي وآثاره ولاسيما على لبنان فوضع دراسة فريدة تتعلّق بالنمذجة العائدة للغطاء الثلجي في لبنان. كما كان قد أرسى أسس النمذجة المائية في لبنان.
كذلك تعاونّا سوياً في البرنامج الهيدرولوجي الدولي بالنسبة للجنة الوطنية. ورجلاً مقدامًا مبادرًا وصاحب مبدأ ولديه قناعات وطنية ثابتة كأرز لبنان. أذكر أنه عندما التقينا وفدًا من وكالة التعاون الدولي اليابانية والمعروفة اختصارًا باسم جايكا (JICA))وهي منظمة حكومية مستقلة تقوم بتنسيق المساعدة الرسمية للتطوير (ODA) لحكومة اليابان. وتختص بمساعدة النمو الاقتصادي والاجتماعي في الدول النامية، وتعزيز التعاون الدولي. وعندما طرحوا علينا دراسة أعدّوها تناولوا فيها فكرة بيع مياه لبنان الى الكيان الاسرائيلي، انتفض ثائرً ورفضنا رفضًا قاطعًا حتّى مناقشة الفكرة وعملنا خلية أزمة للتصدّي للمنظمات التي تسوّق وتروّج لهكذا أفكار تخدم مصلحة العدو ووضع حدّ لها.
مع الدكتور وجدي نجم ومع زميله الصديق الدكتور سليم كتافاكو تحوَّلت الجامعة اليسوعية الى صرحٍ هندسيٍّ عظيم عالمي؛ فأقام برامج الدكتوراة مع كبرى الجامعات الفرنسية العريقة.
الدكتور وجدي نجم تميّز بأخلاقه العالية ومناقبيته العلمية والعملية فترقّى الى أن شغل مركز نائب رئيس الجامعة اليسوعية. وقد ساهم مساهمة كبيرة في تطوير هذه الجامعة، كما حظي دائمًا بثقة رؤساء الجامعة وآخرهم الاب سليم دكاش الذي كان يتعاون معه ويستشيره في الكثير من الأمور لما فيه خير الجامعة والطلاب.
هذا هو الصديق الدكتور وجدي نجم كما عرفته، وستتذكّره الجامعة اليسوعية وكل الأجيال الذين تخرّجوا على يده، كما سيفتقده كل مُحبّيه بأنه أكاديمي عريق شرّف التعليم الأكاديمي بممارسته وتواضعه وبعطاءاته وفكره وانجازاته.
برحيله فقدنا قامة علمية كبيرة وغيابه يشكّل خسارة علمية، لكنه سيبقى حيًّا في ذاكرتنا وقلوبنا وفي كل أعمالنا.
وجدي نجم سنفتقدك كثيرًا، أفَلَ نجمُك في أسبوع الآلام لتترك فينا ألمًا يلازمنا وأملاً ينبعث فينا من جديد مع قيامة المسيح.
رحمك الله ولترقد نفسك بسلام وليتغمدك الله بوافر رحمته وليمنحك الراحة الأبدية وليبلسم قلب العائلة وقلوب مُحبّيك ويلهمكم الصبر والسلوان.
المسيح قام حقًا قام.