منحت الدولة الفرنسيّة عبر سفيرتها في لبنان السيّدة آن غريو رئيس الجامعة البروفسور سليم دكّاش وسام جوقة الشرف الفرنسيّة برتبة فارس، وذلك في احتفال شهدته السفارة الفرنسيّة في بيروت حضره وزير التربية عبّاس الحلبي، ورؤساء جامعات، ونواب رئيس جامعة القدّيس يوسف والعمداء والمديرين، وأسرة البروفسور دكّاش وعدد من أصدقائه، في قصر الصنوبر في بيروت عشية يوم الثلاثاء في التاسع عشر من شهر نيسان 2022.
تحدّثت سفيرة فرنسا في لبنان السيّدة آن غريو عن البروفسور دكّاش المولود في البوار في كسروان متوقّفة على أخبار ومواقف عن طفولته وعن حبّه للعلم وللمطالعة، وعن رغبته عيش حياة مكرّسة، معرجةً على سنوات دراسته في فرنسا وانفتاحه بالقلب والعقل على الثقافة الفرنسيّة لغةً وفلاسفةً وأدباء وشعراء.
تحدّثت السفيرة الفرنسيّة مطولاً عن دور دكّاش كمُرّبٍ حريص على دعم التعليم العالي الفرنكوفوني وتوفير جميع السبل للارتقاء به إلى أعلى المستويات، كما تناولت في كلمتها مؤلفات الأب دكّاش الكثيرة والمتنوعة باللغتين الفرنسيّة والعربيّة إضافة إلى الترجمات التي قام بها.
أشارت إلى التقدير الذي يحظى به دكّاش لالتزامه اللامحدود تجاه الحوار بين الأديان والتعليم والفرنكوفونية وبناء دولة مواطنة حديثة وشاملة، ووصفته "برجل القناعات والحوار، الذي يعمل في خدمة لبنان متعدّد الطوائف، موحّد ومسالم"، رجل عرف "كيف يطبق مبادئ التربية اليسوعيّة لتعزيز جودة التعليم والتميز. الأب دكّاش صديق فرنسا، وهو مدافع شرس عن التعليم الناطق بالفرنسية، وحامل للعالمية والقيم المشتركة بين شعوب العالم" على حدّ تعبيرها.
كما تحدّثت السيدة غريو عن رحلة البروفسور دكاش وكفاحه الدؤوب من أجل تعزيز الحوار الإسلاميّ المسيحيّ، لا سيّما من خلال تنظيم أول احتفال بين الأديان لمناسبة العيد الوطني للبشارة، في مدرسة سيدّة الجمهور.
وتحدّثت غريو أيضًا عن شخصية دكّاش المحبّ للموسيقى وللسينما وللتصوير الفوتوغرافي وتقديره للفنون عمومًا، وأشارت إلى مجموعة الصور الفوتوغرافيّة التي التقطها بنفسه.
دكّاش
بعد تقليد دكّاش وسام جوقة الشرف باسم الدولة الفرنسيّة ردّ بكلمة عبّر فيها عن غبطته بهذا التقدير وأهدى هذا التميّز الكبير للكفاح من أجل "تجديد الدولة اللبنانية". وقال إنه تشرّف بالانضمام إلى مجتمع مكرّس "لخدمة الصالح العام والفرنكوفونيّة والإنسانيّة"، واعدًا بمواصلة نضاله من أجل بناء دولة المواطنة، من أجل الحوار بين الأديان والمساعدة الاجتماعية للطلاّب الأشدّ حاجةً.
كما رحّب بالتعاون الفرنسي اللبناني في مجال التعليم الذي يدعم فرنكوفونية قوية لملايين المتحدثين بها ويكرّس لبنان كـ "بلد حريات ينمّي الضمير المستنير لدى كلّ فرد"، إذ أصبحت اللغة الفرنسية، أكثر من مجرد أداة تواصل بسيطة، إنها "بيته" كما قال رئيس الجامعة، مذكّرًا بكلمات الأديب الفرنسيّ ألبير كامو الذي رأى في اللغة الفرنسية موطنًا له.
تطرّق دكّاش إلى وثيقة الأخوّة الإنسانية التي "تضع الحوار بين الأديان في منظور توطيد الدولة، على أساس الأخوة والمواطنة المشتركة"، بعيدًا من التلاعب السياسي، معتبرًا أن "وثيقة الأخوة الإنسانية التي وقّعها في أبو ظبي العام 2019 البابا فرنسيس وشيخ الأزهر تعطي دفعة مهمة للحوار، ويجب ترجمتها إلى علاقات ملموسة، خصوصًا على المستوى التعليمي في المؤسّسات الاجتماعية والمدرسيّة والجامعيّة. وستنشر جمعية Gladic، التي أترأسها، دليلًا حول هذه الوثيقة مخصّصًا للمؤسّسات التعليمية والجامعية، من أجل تضمين الحوار بين الأديان في منظور توطيد الدولة، دولة على أساس المواطنة المشتركة التي لا يمكن أن تتنفس بدون حرية، على أساس الأخوة والممارسة العادلة للسياسة، متحرّرة من كلّ تلاعب، والتي تشير إليها وثيقة أساسية أخرى، وهي الدعوة إلى المواطنة والعيش المشترك التي نشرها الأزهر في شهر آذار من العام 2017". وتابع يقول: "لقد أكّد مؤسّس لبنان الحالي، البطريرك حويك العام 1930، على الأمراض اللبنانية الأربعة وهي الطائفية، وعبادة الزعيم، والمحسوبية السياسية المعممة، وصورة الفساد الاجتماعي وانعدام المساءلة التي تعيق بناء دولة حرة وذات سيادة حقيقية. في مواجهة ذلك، واجبنا أن نستمر في السخط والاحتجاج ضد أولئك الذين يواصلون السعي لحماية هذا النظام، بروح الشباب والحزم، متذكّرين دائمًا جملة أندريه جيد: "عندما أتوقف عن السخط، تبدأ شيخوختي".
وختم دكّاش كلمته بالقول: "أتعهد، سيدتي السفيرة، بمواصلة هذا الطريق بقوة وبتعاطفٍ وبتصميم، في حدود الوقت والطاقة، مستعينًا بكلمات شاعر مقاوم من فرنسا اسمه رينيه شار، الذي أصدر الأمر التالي لنفسه ولكلّ إنسان شغوف برسالته في هذه الحيّاة قائلًا:
"أسرع، أسرع،
انقل الرسالة وأسرع في بثّها
إنه نصيبك من التميّز، والتمرّد والعطاء،
لأنك، بالفعل، متأخّر عن الحياة".
اقرأ أيضا" : Cérémonie de remise des insignes de Chevalier de la Légion d’Honneur au Pr Salim Daccache