زار رئيس جامعة القدّيس يوسف في بيروت البرفسور سليم دكّاش اليسوعيّ، لمناسبة بداية العام الجامعي 2021-2022، الحرم الجامعيّ لفرع لبنان الجنوبي في البرامية- صيدا. وعقد لقاء مع الطلاّب الملتحقين بكليّاته لهذا العام كليّة الهندسة، كليّة العلوم، كليّة إدارة الأعمال وكليّة الآداب والعلوم الإنسانية، في حضور عميد كليّة الهندسة البرفسور وسيم رفائيل وعميد كليّة العلوم البرفسور ريشار مارون ومديرة الفرع الدكتورة دينا صيداني وجمع من الأساتذة والإداريين والموظفين في الحرم.
صيداني
استهل اللقاء بالنشيد الوطني اللبناني وكلمة ترحيب من المديرة الدكتورة دينا صيداني التي أعربت عن سعادتها بهذا "اللقاء الحضوري الأول بعد سنتين من التعلّم عن بعد، لم تسمح خلالهما الظروف بعقد مثل هذا اللقاء بين رئيس الجامعة وطلاّب فرع الجنوب ليتحدث إليهم ويسمع منهم ويجيب على أسئلتهم".
وأشارت إلى أن "الرسالة التربوية والأكاديميّة لجامعة القدّيس يوسف تحمل 3 أهداف أساسية تتميز بها هي:
- أولاً أن يتخرّج الطالب فيها وهو يتقن ثلاث لغات (العربيّة؛ الإنكليزيّة والفرنسيّة) ما يجعل من طالب اليسوعيّة طالبًا عالميًا، ويمكّنه من السفر والعمل والتأقلم أينما كان.
- ثانيًا: أن الجامعة اليسوعيّة تسعى دائمًا إلى التميّز وللأفضل لطلاّبها.
- ثالثًا: تسعى الجامعة اليسوعيّة لتخرّج مواطنّا مسؤولاً".
وقالت: "في ظلّ الظروف التي يمرّ بها لبنان، لا شكّ أننا أيضًا واعون لحجم الأعباء والمشاكل التي يواجهها الأهل في هذه الفترة، لذلك يعمل رئيس الجامعة من أجل تأمين صناديق منح لنكمل رسالتنا بالتربية والتعليم ونحافظ على المستوى والسمعة الأكاديميّة للبنان في العالم".
أضافت: "يسرني أن أخبركم بأن صندوقا للمنح أنشىء بمبادرة من السيد سجعان بطرس غفري في آب الماضي لمساعدة طلاّب اليسوعيّة في الجنوب وخاصة المسجلين في كليّة العلوم الإدارية ، كون السيد سجعان كان تلميذا في حرم الجنوب وتخرج من كليّة العلوم الإدارية وان الجامعة وتقديرا منها لهذه المبادرة الكريمة اطلقت اسمه على الكليّة".
وتابعت: "كما انه، وشعورا من الجامعة مع الطلاّب في ظلّ الوضع الذي نعيشه اليوم- وكما يقول رئيسها البرفسور دكّاش - ستساعد وتكون بجانب الطلاّب الذين يريدون أن يتعلموا فيه، وأن مكاتبنا مفتوحة لكم لنستمع إليكم ونجيب على مطالبكم، والمساعدة الإجتماعية موجودة لتلقي طلباتكم ولتطلع على كل ما تحتاجونه من مساعدات ومنح”.
وختمت الدكتورة صيداني بالقول: "شكرا على الثقة التي منحتموها للجامعة ويجب ان تعرفوا اننا موجودون لأجلكم وكل الإمكانيات اللوجستية والبشرية حاضرة لتقديم كل ما هو أفضل لكم لتتمكنوا من التعلّم وتعطوا أفضل ما لديكم من نجاح وتفوق وتميز ولتكونوا مواطنة ومواطنا مسؤولا”.
دكّاش
وبعد كلمات لكلّ من عميد كليّة الهندسة وعميد كليّة العلوم وعدد من الأساتذة، ألقى رئيس الجامعة اليسوعيّة كلمة قال فيها: "نأتي اليوم إلى صيدا ونحج إلى هذه الأرض المقدسة التي قرأنا في الإنجيل أن يسوع المسيح جاء إلى صيدا وصور وقانا، لنلتقي مع بداية عام جامعي جديد. وبداية، لا بدّ من التذكير بضرورة اعتماد كلّ الإجراءات الوقائية لحماية أنفسنا وحماية غيرنا من فيروس كورونا لأن الجائحة لم تنته بعد".
أضاف: "أهلا وسهلاً بكم في بيتكم لأنكم أنتم قبلنا وستبقون في ذاكرة هذه الجامعة في صيدا التي تأسّست هنا عام 1977 والفكرة من إنشائها هنا كانت أن نساهم بترقية وتنمية المناطق من خلال تأهيل وإعداد الكوادر البشرية الأساسية".
وتابع: "نقول كلّنا للوطن للعُلا للعلم. نعم كلّنا للوطن بمعنى أننا يجب أن نتحضّر لنكون بالفعل للوطن ولبعضنا البعض ولتقوية أواصر الصداقة بين الناس وبين بعضنا البعض. والجامعة هي المكان الأنسب الذي نلتقي فيه حتى نتعرّف على بعضنا البعض وحتى ننشىء صداقات ونبني ذواتنا ونبني بعضنا البعض علميًا وأخلاقيًا ومعنويًا. وأعتقد أن لديكم كلّ المقوّمات حتى لو كانت جامعة صغيرة. وهنا يهمنا أن لا تبقى هذه الجامعة صغيرة وأن تصبح كبيرة، وبالفعل من خلال وجود كليّة العلوم وكليّة الهندسة تشعر أن فرع الجنوب يتطوّر أكثر وأكثر ويأخذ مكانه في هذه المنطقة، ونحن نشتغل على هذا الأساس. وإن شاء الله "الخير لقدام" وسندخل اختصاصات وماستيرات جديدة في فرع الجنوب. وأكثر من ذلك، نفكر كيف نغذي هذا المركز حتى يكون أكثر وأكثر مركز إشعاع للعلم. وتعرفون أن جامعة القدّيس يوسف تشدّد كثيرًا على مستوى التعليم ومستوى التعلّم وحتى يكون الاكتساب جيدًا.
وقال البرفسور دكّاش: "أكيد بعد تجربة فترة الحجر في البيوت، كلكم تقولون انه من الأفضل ان يأتي الطالب إلى الجامعة ويتعلم حضوريا، لكن هذه التجربة أتاحت لنا أيضا ان نشتغل كثيرا على ذواتنا. وأهنئكم وأهنىء الذين تعلموا عن بعد طيلة سنتين وأعطوا من وقتهم وجهودهم وكانوا حاضرين حتى يتعلموا ويكتسبوا ايضا أمرا مهما جدا هو التعامل مع كل الأدوات والأمور المتعلقة بالمعلوماتية والتي هي أساسية اليوم في تعلمكم وفي اكتسابكم لمستقبلكم”.
أضاف: "اليوم كما تعلمون، الإنسان بلا معلوماتية هو متعلم ينقصه شيء. وهنا أشدد على ضرورة أن نذهب أيضا إلى هذا الإتجاه أكثر، وعلى أن مستقبل الجامعة اليوم هو ما بين الحضوري والتعليم عن بعد. هناك أمور سنستمر بإعطائها عن بعد، وبأن تكون الوسائل الضرورية لذلك متوفرة لنستخدمها حتى نتعلّم وحتى نتثقف ونكتسب ونكون أقوياء وتكون لدينا شخصية، وهذه أعتقد من مهمات الجامعة اليسوعيّة أن تكسب طلاّبها الشخصية المعنوية القوية المتعلمة المثقفة الاجتماعيّة والمواطنيّة، الشخصية المميّزة والمتميزة حتى بالفعل حين يُقال إن هذا الطالب من الجامعة اليسوعيّة يعرف من خلال أخلاقه ومن خلال هذه الشخصية التي تميّز بها انه بالفعل اكتسب منهج الحياة. هذا الذي أمنته وتؤمنه الجامعة منذ زمن طويل وحتى اليوم. لأننا اليوم كجامعة يسوعيّة لسنا وحدنا في العالم، هناك حوالى 200 جامعة يسوعيّة في الولايات المتحدّة الأميركيّة وأميركا اللاتينية وأوروبا وآسيا، ولديها منهج تربوي جامعيّ صنعته عبر الأجيال منذ سنة الـ1600 أي من أواخر القرن السادس عشر وقبل ذلك. والمعروف أن ما نسميه اليوم الصف في الإطار التربوي هو اختراع يسوعيّ، حتى تعرفوا كم اشتغل اليسوعيّون واشتغلت الرهبنة اليسوعيّة على ذاتها وعلى التربية لتعطيها مقوّمات حديثة، فأدخلت كلّ ما هو مثلاً فصاحة وبلاغة وأدب وبيان ومسرح ورياضة، كلّه لم يكن موجودًا في المدارس من قبل، اليسوعيّون اشتغلوا لتدخل هذه الأمور لتكمل شخصية الطالب وتنميها ويكون الإنسان الكامل المتكامل والذي تدخل بشخصيته كلّ المقومات العلمية والاجتماعيّة والنفسيّة والرياضيّة حتى تكون الشخصية متميزة ومتمايزة".
وتابع: "إذا، أنتم في مؤسّسة لها تاريخ وأنتم سوف تصنعون هذا التاريخ وتكملوه مثل خريج هذا الفرع الأستاذ سجعان بطرس غفري الذي يعيش في أميركا وأحب أن يساعدنا ويساعد كليّة العلوم الإداريّة وأعطى اسمه لهذه الكليّة ليقول لنا إنه استفاد من اليسوعيّة، واليوم إذا صنع ذاته وإذا كان غنيًا، فهو غني بشخصيته وبمحبّته وبعلاقاته الاجتماعية، وهو وفق في حياته هناك وأحبّ أن يترك أثرًا طيبًا في جامعته، وهو جزء من ذاكرتنا اليوم، وكثيرون مثله من القدامى، هناك ما لا يقلّ عن 2500 من القدامى تخرّجوا من هذه الجامعة هنا. وأنتم أيضًا، إن شاء الله، تكونوا ناجحين على كلّ المستويات وتفتخروا بالشهادة التي ستحملون ويفتخر بكم أهلكم وتوفقوا بحياتكم المهنية وتحققوا ذاتكم كما تريدون".
وقال: "هناك كلمة سحرية نستعملها اليوم كثيرًا، هي كلمة التضامن بين بعضنا البعض، خاصّة في هذه الظروف الصعبة التي نعيشها، وفي ظلّ الأزمة الاقتصادية والمالية وارتفاع سعر صرف الدولار الذي بات يستنزفنا ويستنزف جيوبنا: العائلة في بيتها، الأستاذ في جامعته، الموظفون في أعمالهم... كلّنا يهمنا هذا الأمر، ونعرف أننا كلّ يوم - مع تدهور سعر الليرة- نخسر من القدرة الشرائيّة وقدرة البقاء في هذا الوطن. من هنا، هناك أمران مهمّان يجب أن نجابه بهما هذه الحال: أولا التضامن بين بعضنا البعض، ولذا نقول: ممنوع أن يترك أحد الجامعة لأسباب مالية، فإذا كان قادرًا على القيام بواجب التعلّم والاكتساب في الجامعة سيبقى معنا وعلينا نحن كجامعة أن نؤمن له اللازم. والأمر الثاني أننا دائمًا يجب أن نشهد للرجاء، نحن جيل الرجاء، وممنوع أن نحبط وأن نعيش اليأس، وممنوع أن نقول إن كلّ شيء انتهى وأن نقول "ما هذا الوطن! وأن نحكي عن لبنان بشكل سيء. لا... كلّنا للوطن للعلا للعلم. هذه اذا أنشدناها في البداية يجب ان تبقى في اذهاننا وضمائرنا وان ندافع عن وطننا ونعيش المواطنية بأبعادها كلها".
وختم البرفسور دكّاش: "في النهاية نحن نعيش بتضامن، والتضامن يعني محبّة لبعضنا البعض وأن نساعد بعضنا البعض على مستوى المنح وعلى مستوى الدروس وعلى مستوى اللقاء وإيماننا ببعضنا البعض كبارًا وصغارًا...هذا يجعلنا نشعر أن المحبّة هي التي تقودنا وليس شيء آخر، هكذا نتغلّب على شيء اسمه الظروف، لا يجب أن نترك الظروف تتمكن منا وتهزمنا، لا... نحن يجب أن نهزم الظروف رغم كلّ شيء ويجب أن نبقى مستمرين بالمقاومة الحقيقيّة، ونحن من أهل الجنوب أهل مقاومة. تعلّمنا وسنكمل حتى يبقى هذا الوطن وطن الشباب، وطن الأجيال القادمة، الوطن الذي نعرف أنه من خلال الشباب سيستعيد عافيته وسنعيش أيامًا إن شاء الله تكون أيامًا حلوة مع بعضنا البعض. أتمنى لكم أن تكون سنة خير مكلّلة بالمحبّة والنجاح لكلّ واحد منكم".
بعد ذلك، اطلّع البرفسور دكّاش برفقة المديرة صيداني والأساتذة على نماذج من بعض الأنشطة اللامنهجيّة للطلاّب والتي يتمّ الإعداد لها في الجامعة إلى جانب البرنامج الأكاديميّ