نظّم مرصد الوظيفة العامة والحكم الرشيد في جامعة القدّيس يوسف في بيروت، بالتعاون مع مؤسسة كونراد أديناور Konrad-Adenauer-Stiftung (KAS)، ندوة حوارية افتراضية - Webinar تحت عنوان "دور الإعلام في إرساء الحكم الرشيد"، في حرم كليّة الحقوق والعلوم السياسية - هوفلان.
شارك في الندوة التي افتتحها البروفسور باسكال مونان وأدارها الدكتور شربل مارون: عميد كليّة إدارة الأعمال في جامعة القدّيس يوسف البروفسور فؤاد زمكحل، رئيس تحرير اخبار محطة الـ"MTV" وليد عبود، رئيس تحرير صحيفة "الجمهورية" جورج سولاج، المديرة التنفيذية لمؤسسة "مهارات" رولى مخايل ومديرة جمعية "Fe-Male" رئيسة تحرير موقع "شريكة ولكن" حياة مرشاد، وحضرها مدير مكتب مؤسسة كونراد اديناور مايكل باور ومدير مشاريع في المؤسسة حمد الياس.
مونان
بداية قال مونان: "الإعلام هو السلطة الرابعة، وهو بالنسبة الى عدد من الباحثين السلطة "اكس" للاشارة الى التأثير الكبير والفعال له في شؤون كثيرة في الحياة العامة".
أضاف: "لا لزوم لوسائل الإعلام من دون الحرية، فبدونها يسود الصوت الواحد، ولو تعددت الوسائل، ويفتقد المجتمع مجالات النقاش الصحي، وصولا الى موت الديموقراطية. وليس من باب الصدفة ان المجتمعات الأكثر ديموقراطية هي تلك التي تتمتع بإعلام حر ومستقل".
وتابع: "من الثابت ان فاعلية وسائل الإعلام مرتبطة بصدقها ومهنيتها، وبالتالي ينبغي الإسراع الى مراجعة قوانين الإعلام على اختلافها وادخال التعديلات اللازمة بما يسمح بتوفير البيئة القانونية الحاضنة للعمل الإعلامي. كما يجب تعزيز مفاهيم الأخلاق الإعلامية من اجل تحصين المهن الإعلامية وحمايتها".
باور
من جهته، شدد باور على أهمية دور الإعلام "في بناء دولة قانون فعالة، والإضاءة على الفساد والمحسوبيات وكل ما يعرقل تطور الدولة بشكل عام".
وتحدث عن "منتدى الحكم الرشيد الذي بدأ منذ العام 2020 بالتعاون مع جامعة القدّيس يوسف، والذي تناول مواضيع عديدة مهمة بهدف تطوير الحكم في لبنان".
زمكحل
ثم بدأت المداخلات مع زمكحل، الذي أشار الى أن "الدور الأساسي للاعلام هو أن يكون الوسيط، فدوره أكثر من سلطة رابعة فهو من يوصل الصوت للجميع، ودائما ما تعمل الأنظمة البوليسية على وضع اليد على الإعلام بإسكاته وشراء أصوات واقلام الإعلاميين ما يعرقل عملها، وهذا ما يحصل للأسف في لبنان".
ولفت الى أن "دور الإعلام في الحوكمة الرشيدة هو أولا التوعية والترويج، ثانيا المشاركة الشفافة، ثالثا احترام حقوق الإنسان، رابعا قواعد القانون، النقطة الخامسة التحقيق والاستقصاء ومثال على ذلك ان التحقيق الأول في انفجار مرفأ بيروت بدأ في وسائل الإعلام. أما النقطة السادسة فهي الدور الفعال في محاربة الفساد بطريقة شفافة، والنقطة الأخير هي الوصول الى المعلومات".
سولاج
بدوره، رأى سولاج أن "الإعلام في لبنان لا يشبه أي نموذج في العالم، فحرية وسائل الإعلام موجودة ولكن ليس كل وسائل الإعلام حرة"، وقال: "هناك وسائل إعلامية مستقلة الى حد ما وبالتالي تمارس الحرية بحسب امكانياتها، أما الفئة الثانية من وسائل الإعلام فهي الوسائل التابعة للأحزاب. كذلك هناك مراجع مالية واقتصادية أصبح لديها وسائل إعلامية تابعة لها. أما الفئة الثالثة فهي المواقع الإلكترونية التي تنشأ بسرعة فكل شخص لم يجد عمل ما، يقرر نشر موقع إلكتروني وينصّب نفسه عليه كرئيس تحرير في وقت كنا بحاجة لسنوات طويلة للوصول الى ما وصلنا إليه، وهذا ما يسمى بعملية قرصنة لوسائل الإعلام، في وقت تغيب الحماية الفكرية".
وأشار الى أن "تأثير وسائل الإعلام في عملية بناء الحكم الرشيد أمر مستحيل في بلد مثل لبنان بحسب التركيبة القائمة"، مشددًا على أن "عمل وسائل الإعلام اليوم صعب للغاية في ظل الأزمة الاقتصادية وغياب التمويل واختفاء المردود من الإعلانات"، لافتًا الى "تراجع نسبة الإعلانات في وسائل الإعلام الى حدود 90 في المئة". وخلص الى أن "الأمر معركة وجود".
عبود
أما عبود فاستهل مداخلته برفض "الشيطنة للأحزاب في كل مرة نقول فيها أن الأحزاب تسيطر على وسائل الإعلام"، مؤكّدًا أن "لهذه الأحزاب الحق بالتعبير عن الرأي بالطريقة التي يجدونها مناسبة".
ولفت الى أنه "في موضوع التمويل، الأمر ليس بالجديد، ومن هنا يجب ان تكون هناك رقابة على كافة وسائل الإعلام وليس فقط وسائل الإعلام التي تنتمي للأحزاب".
وأكد أن "الحرية في لبنان متوافرة، ولكن المشكلة في مكانين آخرين، فالديمقراطية غائبة مع غياب التداول في السلطة، والتغيير غائب حتى لدى الناس التي تشعر باليأس من هذا الوضع".
وذكر أنه "ليس هناك متابعة للاخبارات التي تصدر من الوسائل الإعلامية، فلا أحد يتحرك رغم كشف الفضائح عبر الوسائل الإعلامية لا من الناس ولا حتى من القضاء".
وشدد على ضرورة أن "يلعب الإعلام العام من تلفزيون لبنان والإذاعة الوطنية والوكالة الوطنية دوره الطبيعي"، معتبرا أن "التنوع في وسائل الإعلام هو مصدر غنى وليس مصدر تشكيك".
مخايل
من جهتها، اعتبرت مخايل أن "نظام الإعلام اللبناني يشبه النظام السياسي القائم"، وقالت: "رغم كل العمل الاستقصائي الإعلامي وكشف ملفات فساد، لا شيء يتغير بسبب النظام القائم".
أضافت: "لا شك أن عمل الإعلام في نظام سياسي كهذا في غياب الشفافية المطلوبة هو إشكالية مطروحة، والسؤال الذي يطرح نفسه هو مدى قدرة وسائل الإعلام على الخروج من واقعها والتزاماتها وارتهانها لجهات ممولة".
ورأت أن "الإعلام الرقمي أصبح اليوم إعلامًا بديلاً عن الإعلام التقليدي ما ساعد المشهد الإعلامي على التطور، خصوصًا مع هامش الكبير للحرية التي تتمتع بها وسائل الإعلام الرقمية، مثل موقع "درج" مؤخرًا مع نشره التحقيقات حول فضيحة "أوراق باندورا".
وعن دور الإعلام والحوكمة الجيدة، لفتت الى أن "هناك تنوعًا في الإعلام اللبناني ويجب ان تقوم إدارة واضحة لهذا التنوع، مما يساهم في تعزيزه وإظهار إيجابية التنوّع في المجتمع اللبناني".
وتطرقت الى مشروع قانون تنظيم الإعلام الرقمي، قائلة: "هذا ما يثير خوفنا، فعلينا المحافظة على دور الإعلام البديل او الإعلام الرقمي لأهمية دوره وعمل الدولة والمرجعيات المختصة هي الحماية وليس القمع".
مرشاد
وأسفت مرشاد أنه "حتى اليوم لا يوجد في لبنان محاسبة أو تقييم لدور الإعلام في الحكم الرشيد، ولكن من المهم ان تتم مناقشة أين هو موقع وسائل الإعلام اليوم من كل ما يحصل في المجتمع، فمن الضرورة وضع وسائل الإعلام امام مسؤولياتها وما القضايا التي تتناولها".
واعتبرت أن "هناك خرقًا في المشهد الإعلامي اليوم، فهو واكب قضايا مختلفة، أثناء الثورة قبلها وبعدها، ولكن المشكلة أن ثقافة المحاسبة تجاه وسائل الإعلام غائبة لدى المشاهد الذي يبقى متلقيا وليس محاسبا".
إقرأ أيضاً : Le rôle des médias dans l'instauration d'une bonne gouvernance