أقام مرصد الوظيفة العامّة والحكم الرشيد في جامعة القدّيس يوسف في بيروت، بالتعاون مع مؤسّسة كونراد أديناور Konrad-Adenauer-Stiftung (KAS)، ندوة حواريّة افتراضيّة (Webinar) تحت عنوان "قانون الحق في الوصل إلى المعلومات خطوة نحو الحكم الرشيد"، في حرم العلوم الاجتماعيّة- هوفلان.
شارك في الندوة التي أدارها البروفسور باسكال مونان: النائب جورج عقيص، والنائب السابق غسان مخبير، والقاضية دورا الخازن، والدكتورة حليمة القعقور، والدكتور شربل مارون.
بريمير
البداية مع كلمة لمؤسّسة كونراد أديناور التي ألقاها مدير رئيس مكتب Rule Of Law في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا فيليب بريمير، الذي أكّد أن "تطبيق القانون ليس بالشكل المطلوب برغم مصادقة لبنان على قانون الأمم المتحدة من أجل محاربة الفساد"، مشيرًا إلى أن "تطبيق مثل هذا القانون يدعم بشكل مباشر ثقافة القانون في لبنان وهو في مصلحة الشعب اللبناني بأكمله".
مونان
من جهته، لفت البروفسور مونان إلى أن الجميع "يعرف أن حريّة الوصول إلى المعلومات في لبنان كانت على مدى التاريخ مقيّدة ببعض النصوص القانونيّة، وبعض الممارسات التي كانت توسع الاستثناءات والمحظورات تحت عناوين مطّاطة منها حماية الأمن القوميّ والمصلحة العامة وصيانة الحياة الخاصة".
وقال: "اليوم مع إقرار قانون الحق في الوصول إلى المعلومات ندخل عصرًا جديدًا، والتحدّي الأكبر هو تطبيق هذا القانون وعدم التلطّي خلف الاستثناءات الواردة فيه لحجب المعلومات الضروريّة عن الرأي العام".
عقيص
أشار النائب عقيص في كلمته، إلى أن هذه الندوة "تزامنت مع نشر التعديل على قانون الوصول إلى المعلومات رقم 28/2017 في الجريدة الرسميّة"، كاشفًا أنه "خلال الجلسة النيابيّة الأخيرة، أقرّ القانون التعديليّ برغم اعتراض بعض النواب بحجة أن مقدّميه غير موجودين في الجلسة، وهم تكتل نواب "الجمهورية القويّة"، في وقت شرح النائب إبراهيم عازار أهمية القانون وخطورة تأجيل إقرار التعديلات عليه، وبالتالي تمّ إقرار القانون، وأشكر هنا النائب عازار على دوره وأشكر جميع النواب على دورهم".
وعن أهمية التعديلات، قال: "بحسب دراسة أعدّتها مبادرة "غربال" إن 34 إدارة من أصل 133 إدارة رسميّة استجابت عاميّ 2017 و2018 للطلبات الرسميّة للحصول على معلومات بناء على هذا القانون".
أضاف: "بمعنى أن 74 في المئة من إجمالي الإدارات العامّة في لبنان امتنعت عمدًا عن تطبيق القانون متحججة بعدة مبررات.
في 27 أيلول 2019 أي بعد سنتين ونصف على صدور القانون، أصدرت منظمة Human Rights Watch تقريرًا أشارت فيه إلى أنه منذ صدور القانون قدّمت 72 طلبًا للحصول على معلومات من محاكم ومؤسّسات تابعة للدولة مختلفة، 18 جهة حكوميّة أجابت على طلبها فقط، كما استلمت 5 ردود تزعم أن الإدارة لا يمكنها تقديم المعلومات المطلوبة في حين أن 10 فقط تم ردّها في الوقت المحدد، يعني أن الدولة ليست فقط غير معترفة بمبادرة غربال بل هي لا يهمها أيضًا عمل منظمة بأهمية Human rights watch".
وأكد عقيص أن "كلّ هذه الذرائع تمّ سحبها والطريق اليوم أصبح سالكًا، يبقى أن نسلكه ونؤمن أن سلوكه آمن ويوصلنا فعلاً إلى دولة القانون والمؤسّسات".
وكشف أن صدور القانون التعديلي "يتزامن أيضًا مع احداث أساسية تكمل هذا الإنجاز، وهي صدور المراسيم التنفيذيّة عن وزارة العدل، صدور الخطة الوطنيّة للقانون، واستكمال التعينات الخاصة بالهيئة الوطنيّة لمكافحة الفساد التي ستراقب العمل بقانون الوصول إلى المعلومات".
مخيبر
تحدث مخيبر عن المرحلة التي سلكها إقرار القانون، منذ طرحه في العام 2006 على مجموعة ناشطين ومن ثم إقراره في مجلس النواب العام 2017 واليوم مع إقرار التعديلات عليه، وقال: "قد يبدو الحديث في قانون الوصول إلى المعلومات اليوم تافهًا مقارنة بما يحصل حاليًا من انهيار اقتصاديّ وغيره، وربما يجب الاعتذار عن الحديث عنه ولكن أحد أسباب الانهيار هو عدم تطبيق القوانين".
أضاف: "خلال البحث عن سبب لانهيار الدولة، نجد أن حديثنا اليوم ليس تافهًا بل مهمًا للنهوض من جديد، علمًا أن هذا القانون هو جزء من كلّ وهو بحاجة لمجموعة أخرى من القوانين كما هو بحاجة قبل كلّ شيء إلى فكرة الدولة الغائبة حاليا".
وأكّد أنه يجب على "الناس أن تستخدم الحق الذي أعطي لها وإلاّ ستخسر هذا الحق، ومن هنا شرط تطبيق القانون هو الوعي على أهمية تطبيقه". وشرح مخيبر "كلّ الأسباب التي أدت إلى تعديل القانون من خلال الممارسة وكلّ العراقيل التي واجهته".
الخازن
أما القاضية الخازن فشرحت بالتفصيل مفاعيل قانون الحق في الوصول إلى المعلومات والمعوقات التي تعترضه، وعدّدت الثغرات "التي لا تزال موجودة والتي تعيق تطبيق القانون كما يجب كما أُقر في باقي البلدان على غرار فرنسا مثلا".
وقالت: "من مفاعيل هذا القانون أنه أجبر الإدارة على أن تنشر حكمًا على مواقعها الإلكترونيّة كلّ المعلومات المتعلّقة فيها، إلاّ أن إجراء بحث صغير على بعض المواقع الإلكترونيّة لبعض الإدارات العامّة، يبيّن خلو هذه المواقع من النشر الحكميّ لعمليات صرف الأموال، كما وخلوها من النشر الحكميّ للقرارات والتعاميم التنظيميّة والتفسيريّة".
وكشفت الخازن أن "قانون الحق في الوصول إلى المعلومات تضمن إستثناءات وحدّد المستندات والمعلومات التي لا يمكن الوصول اليها والإطلاع عليها"، مؤكّدة أن "السلطات اللبنانيّة لم تلتزم إلى حدّ كبير تطبيق قانون الحق في الوصول إلى المعلومات، وقد فاخرت بإقراره في مجمل المحافل الدوليّة بينما الممارسة الفعليّة لها تؤدي إلى تعطيله".
قعقور
تناولت الدكتورة قعقور دور قانون الحق في الوصول إلى المعلومات في تعزيز الديمقراطية والمواطنة، وقالت: "وصولنا إلى الأزمات التي نعيشها هو بسبب أزمة ديمقراطية ومواطنة ودولة"، مؤكّدة أن "الوقت قد حان لاستبدال السلوك الحالي بسلوك جديد يتناسب مع بناء الدولة وليس في بناء زعامات لا تحاسب".
واعتبرت أن "الحق في الوصول إلى المعلومات هو حق من حقوق الإنسان، وهو حجر أساس لحريّات أخرى ولحقوق أخرى"، مشيرة إلى أن "مؤسّسات الدولة هي لخدمة المواطن والمواطنة ونحن اليوم بحاجة إلى عقد اجتماعي جديد بدأ يظهر مع "17 تشرين".
مارون
وأخيرًا، تحدّث الدكتور مارون من الناحية الإعلاميّة عن أهمية الوصول إلى المعلومات عارضًا تجربته في مجال الإعلام والصعوبات التي يواجهها أي صحافي في عمله "من أجل التوصّل إلى المعلومة الدقيقة لنقلها إلى المتابع بطريقة شفافة".
وعرض مارون أبرز النقاط في هذا القانون، "الذي سيسهّل بكل تأكيد عمل الصحافي الذي أصبح يملك معلومات أكثر، قادر على نقل الصورة كما هي أمام الرأي العام الذي بدوره سيتولّى عملية الرقابة، وبالتالي سيشارك بتقييم العمل بالشأن العام وهو أمر ضروري وبديهي".