بحيرة القرعون من أكبر البحيرات الاصطناعيّة في لبنان. تقع في البقاع الغربيّ على المنسوب ٨٠٠م، وأنشِئت عند سدّ القرعون (اللّيطاني) سنة ١٩٥٩. تبلغ مساحة البحيرة حوالي ١٢كلم٢، وسعتها حوالي ٢٢٠ مليون متر مكعّب.
تشكّلت البحيرة بسبب السدّ الّذي بُني لتوفير الكهرباء ونظام الرّيّ للمنطقة المحيطة بارتفاع ٦٠ مترا وطول حوالي ١٠٩٠ متر بعرض أقصى ١٦٢ متر، ويبلغ حجمه الإجماليّ مليوني متر مكعّب تقريبًا. وهو سدٌّ ركاميّ من الرّدميّات الصّخريّة مع طبقة أماميّة من الصّخور المرصوفة.
تُستعمل مياهه الّتي يختزنها في توليد الطّاقة في المعامل الكهربائيّة الثّلاث مركبا، الأولي وجون، وفي ريّ ما يزيد عن ١٤٠٠ هكتار من أراضي سهل البقاع الزّراعيّة، وحوالي ٣٦ ألف هكتار من الأراضي الزّراعيّة في الجنوب، وتُعدّ من أفضل المواقع الجغرافيّة.
منشأة تصريف الفيضان والمفيض هو برج من الخرسانة المسلحة في البحيرة متّصل بنفق يمرّ تحت جسم السدّ حتّى مجرى النّهر، ويُعتبر من أهمّ المنشآت التّابعة للسدّ إذ انّه يحميه في حال الفياضانات، ويؤمّن مرور المياه بشكل سليم ودون إلحاق الأذى بجسم السدّ. من أهمّ المشاريع المنفّذة عليها مشروع ريّ البقاع الجنوبي أو مشروع ٩٠٠، ومعمل إبراهيم عبد العالم أو معمل مركبا.
تحيط البحيرة سلسلة متنوّعة من المطاعم والمقاهي والمتنزّهات والشّاليهات، الّتي تشكّل مصدر ترفيه وراحة للمقيمين والزّائرين، ومنبع رزق ودخل للسّياحة عامّة. أين سيذهب لبنان بالزّوار الّذين كانوا يقصدون بحيرة القرعون للقيام بجولات القوارب داخلها والاستمتاع بالمناظر الجميلة أو للصّيد، على الرّغم من منعهم من السّباحة فيها؟
أُطلقت صفّارات الإنذار والتّنبيه من حدوث كارثة منذ سنوات، بسبب التلوّث الحادّ الّذي تسبّبه المصانع و مياه الصّرف الصّحّيّ الّتي تصبّ فيه مباشرة من دون معالجة، إضافة إلى النّفايات الصّناعيّة والمواد الكيميائيّة الّتي تُستخدم في الزّراعة.
ها نحن الآن في خضمّ الكارثة، بحيث تمّ استخراج أكثر من ١٢٠ طنًّا من أسماك نافقة من بحيرة القرعون من نوع "الكارب"، الّتي تكدّست على مسافة كيلومترات.
قُيّم الوضع الحاليّ بترجيحات مختلفة، فحذّرت وحدات المصلحة الوطنيّة لنهر اللّيطاني التابعة لوزارة الطّاقة والمياه من وجود "مرض وبائي وفيروسي قابل للانتقال"، بينما يشدّد بعض الخبراء على أنّ سبب الكارثة هو التلوّث، كما لوحظ بأنّ بعض المصادر ترمي التّهمة على مجهول باعتبار أنّ الحادثة حصلت بفعل فاعل. تكثر الأسئلة والاشتباهات، ولكن حتمًا لا يُحسَم الأمر بدون تحليل، لذلك، ولمعالجة الأزمة تمّ تشكيل فرقة عمليّة متخصّصة من جامعَتَي القدّيس يوسف USJ والبلمند، لدراسة الأسباب ووجوب إزالة الأسماك النّافقة، ووضع سياق لمعالجة علميّة لها بشكل غير مضرّ بالبيئة، مع المراقبة المستمّرة للتّغيّرات والعمل على معالجة مصادر التلوّث المحيطة بشكل جذريّ.
الأمن الغذائيّ مهدّد في ظلّ التفلّت الرّاهن. وعلى الرّغم من الجهود المبذولة من قبل عناصر الدّائرة الصحيّة وعناصر الشّرطة البلديّة في المنطقة، إلّا أنّه يتوجّب علينا تحذير النّاس عامّة من الوقوع ضحيّة استغلال بعض تجّار البشر والتنبّه من أكل أو شراء هذه الأسماك والتّبليغ في حال الشكّ. فهذه الأسماك غير صالحة للاستهلاك البشريّ وخطرة على الصحّة.
تهديد سياحيّ، أمنيّ، غذائيّ، في أكبر بحيرة في لبنان، في منبع رزق حيويّ للبنان، رزق فقدته عشرات العائلات منذ عام ٢٠١٨، بسبب التلوّث الّذي دعا وزارة الزّراعة إلى منع الصيّادين من صيد الأسماك منها.
نشكر الفرق المتطوّعة كافّة، من المصلحة الوطنيّة لنهر اللّيطاني، والجيش اللّبنانيّ والصّليب الأحمر اللّبنانيّ، ومن جامعات خاصّة ولبنانيّة وبلديّات وجمعيّات مدنيّة وأهليّة، ونتمنّى وبمساعدتهم أن يزول هذا الكابوس ونستعيد ما نفق.